في حربها على لبنان عام 2006 وعلى غزة عام 2008 وآخر اعتداءاتها على قافلة الحرية التي كانت في طريقها الى فك الحصار عن غزة في نهاية مايو الماضي كانت اسرائيل تتبع سياسة القوة المفرطة وغير المتكافئة حيث اوقعت مئات القتلى والجرحى ومنهم الاطفال ودمرت آلاف المنازل ومراكز الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، حتى نشطاء العمل الإنساني العزل لم تتردد اسرائيل في قتلهم حيث قتلت تسعة منهم ممن كانوا على سفينة مرمرة التركية احدى سفن قافلة الحرية.
السلوك الاسرائيلي الهيستيري على قافلة الحرية أثار دهشة الفيلسوف الفرنسي اليهودي برنارد ليلي وعلق عليه قائلا: لقد وصلت عقلية القادة الإسرائيليين لما يمكن ان نصفه بالتوحد السياسي، نسبة الى مرض التوحد الذي يصيب الاطفال وهو مرض نفسي يعاني فيه الطفل المصاب من الانغلاق على ذاته دون تواصل مع المجتمع الذي يعيش فيه وقد يصدر من الطفل سلوك عدواني تجاه الغير، كما عبر المحلل الاسرائيلي ديفيد غروسمان عن شعوره بالخجل وعن ألمه العميق لمدى الانحدار واللاعقلانية الذي بلغه السلوك الاسرائيلي في التعامل مع اسطول الحرية، وهذا يعني اننا في مواجهة مع دولة مريضة نفسيا لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها القادمة حيث تتصرف بطريقة غير مسؤولة وفق ما تمليه عليها اوهامها وكأنها تعيش خارج التغطية الدولية وربما تقدم على ارتكاب جرائم حرب اعظم مما ارتكبته في حروبها السابقة او في اعتداءاتها على الدول المجاورة لها او على سكان غزة المحاصرين، وغيرهم من الواقعين تحت سلطتها ولك ان تتصور مدى خطورة هذا السلوك الاسرائيلي اذا علمت ان اسرائيل تمتلك عشرات القنابل الذرية كما صرح بذلك الرئيس الاميركي الأسبق جيمي كارتر، وهذا ما دفع الكاتب كارلو سترينجر الى كتابة مقال في جريدة «هآرتس» تحت عنوان «أنقذوا اسرائيل من نفسها» الأمر الذي يؤكد لنا حقيقة ان اسرائيل لاتزال بلدا مريضا ليس بحكوماته التي امتهنت جرائم الحرب فحسب ولكن بشعبه الذي يقف إلى جانبها ويؤيد سياساتها كما أفاد بذلك آخر استفتاء اسرائيلي حول شرعية الهجوم على قافلة الحرية، الغريب في الأمر ان الدول الكبرى وخاصة الغربية والولايات المتحدة الاميركية ادركت خطورة ان تمتلك كل من ايران وكوريا الشمالية سلاحا نوويا وهي تعمل بكل جدية من اجل وقف برنامجيهما النوويين لكنها حتى الآن لم تدرك خطورة امتلاك اسرائيل للسلاح النووي ربما ينتظرون مغامرة نووية من إسرائيل حتى يثبت لهم العكس.