عندما تجمع المعلمون والمعلمات أمام مبنى وزارة التربية إنما كانوا يمارسون حقهم في التعبير عن رأيهم الرافض لقرار الوزارة إطالة اليوم الدراسي يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وهو أمر تقره الأعراف الديموقراطية إذا لم يتعد الحدود المسموح بها.
وبغض النظر عن صحة أو خطأ قرار الوزارة فلا داعي من توجيه اللوم للمعلمين والمعلمات الذين عبّروا عن رأيهم في قضية هم معنيون بها بالدرجة الأولى حتى وإن كان إطالة الدوام الدراسي مدرجا في خطة التنمية، لأن العبرة ليست بإدراجه فيها ولكن بتكييفه من أجل دعم خطة التنمية، وهو أمر يبدو انه غير وارد على أرض الواقع، حيث جاء طلب وزارة التربية تزويدها بخطط التوجيه حول طبيعة الأنشطة الطلابية بعد إصدار قرار التطبيق، أي ان الوزارة لا تملك تصورا واضحا عن خطة كانت قد أصدرت قرارا بتطبيقها!
نفهم أن مد سن التقاعد في فرنسا الى 62 عاما يشكل دخلا إضافيا لميزانية الدولة ويقلل من عجزها وبالتالي يساهم في دعم التنمية فيها لكن ليس مفهوما ان إطالة دوام يوم دراسي واحد يعود بالفائدة على خطتنا التنموية! مثل هذه القرارات لا تنفرد بها وزارة التربية فسياسة اتخاذ قرارات تنفيذ أي مشروع قبل استكمال متطلباته هو من الأمور الشائعة والمعتادة في وزارات الدولة ومؤسساتها المختلفة، ولهذا السبب تحصل الانتكاسات بعد قرارات التنفيذ.
ووزارة التربية وهي من أهم وزارات الدولة حيث يعوّل عليها في إعداد بناة المستقبل يفترض ان تكون من أحرص الوزارات على إصدار القرارات الصحيحة والمناسبة للعملية التعليمية التي لا تحتمل أي انتكاسة تعود مضارها على أجيال كاملة، كما حدث عند تطبيق نظام المقررات.
وكلامنا عن وزارتنا التربوية يجرنا الى الإشارة الى ما قامت به وزارة التربية في أحد البلاد العربية باتخاذ قرار بتطوير مقرر التاريخ وذلك بتغيير مفهوم الفتح العثماني الى الغزو العثماني!
الدول المهتمة بالتعليم كأولوية من أولوياتها تتسابق في إعداد مناهج تعليمية ذات جودة عالية من أجل مواكبة تقنيات العصر الحديث وخلق جيل يمتلك قدرات تعليمية ومهارات عالية ويساهم في دفع عجلة التنمية، بينما نحن ننشغل بتغيير مصطلح تاريخي أو في كيفية شغل نشاط إضافي في 25 دقيقة.
نعلم ان هناك طموحا أكبر من قبل المسؤولين في الوزارة منذ فترة نحو إطالة الدوام المدرسي تأسيا بدول مثل ألمانيا أو اليابان وغيرهما من الدول الصناعية الكبرى لكن هل يضمن هؤلاء المسؤولين جودة تعليمية عالية كالتي عند تلك الدول أم ان المسألة ستكون محاولة تجريبية أخرى تحتمل النجاح أو الفشل؟