الذي كنا نعرفه عن تونس انها بلد يمتاز باقتصاد متين من بين دول الشمال الافريقي او حتى اغلب الدول العربية ويتمتع شعبها بمستوى معيشي راق، ومن كان كذلك لابد وان ينعم بحياة مستقرة. لكن الاحداث التي شهدتها تونس اخيرا كشفت الستار عن واقع مزيف كان يعيشه الشعب التونسي، وكان يروج له اعلام الدولة. فقيام الشاب بوعزيزي العاطل عن العمل بإحراق نفسه وما تبعه من تعاطف شعبي واسع معه تمثل بمسيرات سلمية تحولت الى تظاهرات عنيفة وجارفة عمت المدن التونسية واجبرت الرئيس على الفرار كان دليلا على وجود ازمة خانقة يعيشها شعب تونس كشفت عن اقتصاد هش تمثل ببطالة متفشية على نطاق واسع بين الشباب المحبط الذي فقد الامل في الحصول على وظيفة تضمن له عيشا كريما ومستقبلا واعدا الى جانب تمركز الثروة بأيدي قلة من المتنفذين، ناهيك عن سياسة بوليسية صارمة لا تسمح بحرية التعبير او الافصاح عن تلك الاوضاع السيئة كما كشفت الاحداث عن الدور الذي لعبته فرنسا – أم الحرية – خلال العقدين الماضيين في دعم النظام التونسي بحجة محاربته للارهاب الذي كان من ابرز تجلياته محاربة الحجاب والتدين وليس البطالة او الفساد ولم تعرف قيمة الشعب التونسي الا حين رفضت استقبال حليفها الفرانكفوني زين العابدين كلاجئ سياسي على اراضيها لكن بعد خراب مالطا! دول الجنوب أو دول العالم الثالث كما يطلق عليها ومنها عالمنا العربي هي الأكثر تضررا من مشكلة التعثر الاقتصادي حيث فرص العمل في تراجع مستمر مع ارتفاع معدلات البطالة التي يقال بأنها بلغت نسبة 20% وغالبيتها من الشباب يضاف الى ذلك سوء توزيع الثروة ولا يخفى ان هناك جهودا تبذلها تلك الدول من اجل تحسين اوضاعها الاقتصادية لكنها لم تصل الى المستوى المطلوب الذي يكفل لها مستقبلا خاليا من المفاجآت غير المحمودة كأحداث تونس التي جاءت بشكل مفاجئ وغير متوقع، لابد ان الهاجس التونسي قد تسلل الى بلادنا العربية لكن ما نتمناه هو ان يكون دافعا قويا نحو تفاعل اكثر جدية في حلحلة مشاكلها الاقتصادية وفي احترام حق شعوبها في ممارسة سياسية عادلة.