سلطان الخلف
ترك المسلمون تراثا عظيما في شتى ميادين العلوم والمعرفة من فلك ورياضيات وكيمياء وطب وصيدلة وبصريات وانسانيات وغيرها، لكنهم لم يسخّروا تلك العلوم في الارتقاء بأحوالهم المعيشية وفي تطوير مؤسساتهم المدنية وفي دعم قوتهم العسكرية، في مقابل غفلة المسلمين هذه تنبّه الاوروبيون الى دور العلم في تعزيز قوة الدولة واخذوا ينهلون من العلوم التي نام عنها المسلمون واستطاعوا توظيفها في شتى مناحي حياتهم المدنية والعسكرية فيما عُرف بعصر النهضة الاوروبية.
وبينما المسلمون يغطون في سبات الغفلة والتخلف، اجتاح الاوروبيون ديارهم ببنادق البارود والمدافع التي كانت من نتاج عصر النهضة اذ لم يكن بمقدور السيف الذي طالما تصدى لسيوف الصليبيين وألحق بهم الهزيمة مقارعة اسلحة جديدة تفوقه قوة وكفاءة رغم بدائيتها من المنظور العسكري الحديث لكنها في ذلك الوقت كانت سلاحا جديدا فتاكا.
وقس على ذلك تدمير المستكشفين الاسبان مملكة الانكا في العالم الجديد من اميركا الجنوبية والاستيلاء على كميات كبيرة من الذهب الذي كان بحوزة ملك المملكة المهزوم حيث نقل الى خزينة الدولة الاسبانية التي اصبحت من اغنى الممالك الاوروبية في ذلك العصر وتشهد على ذلك قباب كنائس غرناطة المكسوة بذلك الذهب منذ خمسة قرون كل ذلك بفضل اختراع بندقية البارود واقتباس ادوات الملاحة البحرية من مسلمي الاندلس قبل طردهم من اسبانيا.
وفي التاريخ المعاصر استطاع الرايخ الثالث الألماني بفضل تقدمه على نظيراته من الدول الاوروبية بفارق خمس سنين في العلوم والتكنولوجيا احتلال العديد من تلك الدول في فترة زمنية قياسية وعلى رأسها فرنسا الدولة العظمى في ذلك الوقت حيث لم تتمكن بإمكاناتها العسكرية التي احتلت بها الجزائر من التصدي للآلة العسكرية الألمانية المتطورة واصبحت دولة محتلة بعد ان كانت دولة احتلال.
وبعد هزيمة المانيا واليابان في الحرب العالمية الثانية استطاعتا بفضل اعتمادهما على العلم النهوض ثانية كقوتين اقتصاديتين عالميتين يحسب لهما الحساب واصبحتا عضوين فاعلين في مجموعة الدول الثماني الصناعية.
يبدو ان العرب لم يستفيقوا بعد من سباتهم وغير مكترثين بضرورة استثمار العلم في تجاوز التحديات الكثيرة التي تواجه حاضرهم ومستقبلهم.