سلطان الخلف
حديث الديموقراطية من القضايا التي اعتادت وسائل الاعلام على طرحها بشكل متكرر، كما اصبحت كلمة الديموقراطية من بين المفردات الحديثة المتداولة في لغة الناس، وهذا امر طبيعي ويعد من ايجابيات الثورة المعلوماتية وعالم الفضائيات التي يتميز بها عصرنا الحديث.
ولعل اكثر الشعوب تعاطيا لأدبيات الديموقراطية هي شعوب العالم الثالث لانها تعاني ازمة سياسية حادة تتمثل في حكومات دكتاتورية أو تطبيق سيئ للديموقراطية تتعثر معه تجربتها الديموقراطية لانها لم تستوعب ان الديموقراطية منظومة قيم ومبادئ تستنبت داخل المجتمع وضمن خصوصياته ولا تستورد من خارجه ويربى عليها الفرد صغيرا من خلال مناهج التعليم ويمارسها كبيرا مع باقي افراد مجتمعه داخل مؤسساته المختلفة لتصبح قضية مبدئية يصعب التنازل عنها او النيل منها.
نجح رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في تغيير نمط التفكير الذي يغلب عليه الطابع القبلي في مجتمع الجزيرة العربية عندما رسخ قيمة المبدأ، وأكد على سيادة القانون في قولته المشهورة (لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) وسار على نهجه خلفاؤه الاربعة رضي الله عنهم في اقرار مبادئ الاسلام وممارستها بكل شفافية، حيث أقرّ الخليفة عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) مبدأ احترام انسانية الانسان عندما قال: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا) وهو يقتص لقبطي مسيحي من مسلم.
طريق التحول الى الديموقراطية طويل وشاق سارت عليه جميع الدول الديموقراطية لانه يتطلب احداث تغييرات كبيرة في عادات وتقاليد وسلوكيات الناس حتى تتفق مع مبادئ الديموقراطية التي هي أقرب الى مبادئ الاسلام، حيث تلتقي معه في قواسم رئيسية مشتركة مثل مبدأ اختيار الحاكم من قبل الشعب والفصل بين السلطات وسيادة القانون واحترام انسانية الانسان واقرار حقوقه ذكرا كان أم أنثى والاعتراف بمواطنة غير المسلمين وحرية ممارستهم لشعائرهم الدينية وغيرها، مما يعني ان المسلمين يفترض ان يكونوا اكثر الشعوب تقبلا وممارسة للديموقراطية من غيرهم، لكن مما يؤسف له انهم اصبحوا في آخر الركب السائر على الطريق المؤدية الى الديموقراطية يعد ان تقدمت عليهم اكثر الدول دكتاتورية.