سلطان الخلف
تشهد أوروبا انحسارا شديدا في موجة التدين حيث الغالبية العظمى من الأوروبيين لا تدين بالتعاليم الكنسية ولهذا خلفية تاريخية تعود الى موقف الكنيسة في بداية عصر النهضة الرافض للتفسيرات العلمية حول بعض الظواهر الطبيعية التي توصل اليها العلماء معتبرة تلك التفسيرات تناقض تصورات الكنيسة التي كانت بمثابة معتقدات مقدسة يعاقب من يخالفها.
قبل عدة أسابيع احتج طلبة وأساتذة جامعة لاسابينزا الايطالية على عزم بابا الڤاتيكان بندكتوس زيارة جامعتهم واعتبروها إهانة للعلم بسبب تعاطفه مع حكم الكنيسة بالسجن المؤبد في حق العالم جاليليو جاليلي منذ ثلاثة قرون الذي أثبت ان الأرض تدور حول الشمس مخالفا بذلك رأي الكنيسة القائل بدوران الشمس حول الأرض، الأمر الذي دفع البابا الى إلغاء زيارته المقررة للجامعة حتى لا تتعرض قداسته الى التجريح.
هذا الموقف من العلم أضعف دور المؤسسة المسيحية داخل أوروبا وأميركا وزاد من عزلتها علمانية المجتمعات الغربية في عصرنا الحالي حتى دفعها ذلك الى البحث عن مناطق أخرى من العالم من أجل استعادة نفوذها وزيادة عدد أتباعها وذلك من خلال توجيه أنشطتها في البلدان التي تعاني ظروفا معيشية صعبة كبعض البلاد الاسلامية تحت ذريعة تقديم المساعدات الإنسانية ولكنها في الواقع إغراءات على شكل إعانات مالية أو توفير فرص عمل في البلاد الغربية مقابل اعتناق النصرانية.
هذا التعارض بين الدين والعلم عند الغربيين يقابله توافق وانسجام عند المسلمين على مر العصور فالقرآن يدعو إلى التفكر في خلق الله والتأمل في ملكوت السماوات والأرض وهي دعوة ربانية صريحة الى طلب العلم الطبيعي وفك رموزه مع إشارته الى بعض الحقائق العلمية التي تتفق مع العلم الحديث مما جعل المواجهة بين رجال الدين المسلمين والعلماء أمرا مستحيلا وكان سببا في قيام النهضة العلمية التي شهدتها العصور الإسلامية السابقة على عكس ما كانت عليه أوروبا في العصور الوسطى من تعقب الكنيسة للعلماء واتهامها لهم بالهرطقة وانزال أشد العقوبات بهم.