سلطان الخلف
تركيا بلد إسلامي عريق لعب دورا مهما في التاريخ المعاصر تمثل في ظهور دولة بني عثمان كقوة اقليمية محل المماليك بداية القرن الخامس عشر الميلادي وقيامها بحماية الممالك الاسلامية من اختراق البرتغاليين لها وافشال محاولاتهم الحثيثة في السيطرة على مداخل البحر الأحمر والخليج العربي من أجل تأمين خطوط بحرية لهم مع الهند والصين كبديل عن خطوط التجارة البرية او ما يعرف بطريق الحرير الذي كان يمثل شريان الحياة الاقتصادية للمنطقة الاسلامية في ذلك الوقت، وفي نجاحها في احباط محاولات الصفويين في التمدد على حساب تلك الممالك والتصدي لسلوكهم العدائي للدولة العثمانية الناهضة الذي بدا واضحا في تحالفهم مع البرتغاليين رغم احتلالهم لجزيرة هرمز التابعة للعرش الصفوي.
واصل العثمانيون زعامة العالم الاسلامي والتصدي لأطماع القوى الاخرى التي تمثلت في الانجليز والفرنسيين والهولنديين الذين توافدوا بعد البرتغاليين على المنطقة.
ويمكن القول انه لولا الدولة العثمانية لأصبحت الممالك الاسلامية مستعمرات غربية في مرحلة مبكرة ربما مع بدايات القرن الخامس عشر الميلادي.
وكسنة من سنن الحياة هرمت الدولة العثمانية اواخر القرن التاسع عشر ثم انهارت بعد الحرب العالمية الأولى ودخلت مرحلة جديدة في عشرينيات القرن العشرين فرضت عليها العلمانية وأصبحت عبئا ثقيلا على الشعب التركي المسلم وليس أدل على ذلك من قضية الحجاب التي أصبحت حديث الساعة عند الأتراك وباتت تعرقل مسيرة التنمية بزعامة حزب العدالة والتنمية وذلك بعد ان اصدرت المحكمة الدستورية منذ ايام حكمها بإلغاء قرار البرلمان التركي المنتخب بالسماح للطالبات بارتداء الحجاب بحجة المحافظة على المكتسبات العلمانية مع ان العلمانية الصحيحة تنطلق من استثمار العلم في دفع عجلة التقدم نحو الأمام وليس لبس الحجاب من عدمه الذي يدخل في خانة الحرية الشخصية التي هي أهم مكتسبات العلمانية الغربية.
ولا يخفى ان اثارة قضية الحجاب تلك انما جاءت من دوافع سياسية ولا دخل لها بالعلمانية وربما المراد منها اغلاق حزب العدالة والتنمية - بعد حزبي الرفاه والفضيلة - الذي يحظى بثقة غالبية الشعب التركي بجميع أطيافه بما فيه الليبراليون بعد ان اثبت كفاءته في تحقيق قفزات معتبرة في التنمية ورفع مستوى المعيشة للفرد التركي على عكس الأحزاب التركية الاخرى المتعثرة.
الغريب في الأمر ان منظمات حقوق الانسان سواء كانت غربية أم عربية التي تتحمل مسؤولية الدفاع بكل وسيلة عن حق المرأة في التعليم والمشاركة السياسية نراها اليوم تلتزم الصمت تجاه الفتيات التركيات اللاتي حرمن من التعليم بسبب الحجاب وكأن الأمر لا يعنيها!