سلطان الخلف
المؤتمر العالمي حول الحوار الذي عقد في مدريد او «مجريط» قبل ايام تحت رعاية خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو خطوة بناءة من اجل اشاعة روح التفاهم والوئام والتعايش السلمي بين اتباع الديانات المختلفة، فالاختلاف بين الاديان يجب الا يؤدي الى النزاع بين اتباعها اذا توافر الوعي الصادق بضرورة احترام حق الآخر في ممارسة عقيدته مع عدم السماح بتدخل المؤثرات السياسية والنوايا السيئة، الحربان العالميتان الاولى والثانية والحرب الباردة التي تلتهما بين الرأسمالية والشيوعية وما تشهده بعض مناطق العالم اليوم من نزاعات ليست وليدة الخلافات الدينية بل هي في حقيقتها وليدة خلافات ايديولوجية او سياسية او مصالح اقتصادية او حيوية، اما الحروب ذات الدوافع الدينية فقد مضى وقتها بعد ان تشكل العالم الحديث في قالب علماني وتجاوز مفهوم الدولة الدينية، ومع ذلك فإن هذا لا يعني ان الدين اصبح في منأى عن الاستغلال من اجل تحقيق اهداف معينة، كما هو الحال في دعم الغرب قيام دولة اسرائيل على اساس ديني كحارس لمصالحه في منطقة الشرق الاوسط وفي دعمه قيام دولة تيمور الشرقية الكاثوليكية لتأمين مصالحه في شرق آسيا، كما يمكن ان يستغل الدين من منطلق طائفي من اجل تحقيق مكاسب سياسية داخل الدولة كما هو حاصل في العراق او من اجل الاستقطاب الطائفي من خارج الدولة الطائفية، كما هو حاصل في منطقة الخليج العربي بشكل لافت للنظر، وكمحاولات الدعاية الغربية الايهام بان الاسلام في مواجهة مع الحضارة الغربية بهدف تعزيز مكانة الليبرالية في المنطقة الاسلامية المحافظة.
اقيمت مؤتمرات حوار كثيرة بين المسلمين والمسيحيين واليهود خلال العقود الماضية وشارك فيها ممثلون عن الڤاتيكان والبروتستانت والارثوذكس واحبار يهود لكن يبدو انها لم تحقق شيئا في تعزيز الاحترام المتبادل بين اتباع الديانات الثلاث بعد ان فاجأنا بابا الڤاتيكان الحالي بندكتوس السادس وغيره من الزعامات المسيحية واليهودية باتهام الاسلام بالارهاب وبتصاعد موجة التهجم على رسوله ژ، المسلمون الذين يؤمنون برسالتي عيسى وموسى عليهما السلام هم اليوم متهمون وفي حالة دفاع عن دينهم امام تلك الاتهامات الباطلة ولعل مؤتمر الحوار في مدريد احد وسائلها.