سلطان الخلف
العدوان الإسرائيلي على غزة يضع دول الاعتدال العربية في موقف حرج للغاية أمام شعوبها لأن قرار الأمم المتحدة 1860 الذي وافقت عليه والذي ينص على وقف فوري لإطلاق النار في غزة أصبح حبرا على ورق عندما أعلنت اسرائيل انها غير ملزمة به.
من أجل ارضاء شعوبها فإن أقل ما تستطيع عمله دول الاعتدال العربية التي ترتبط بعضها بعلاقات ديبلوماسية مع اسرائيل هو المبادرة الى طرد السفراء الإسرائيليين لديها كوسيلة احتجاج على الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة التي أعلنت منظمة الصحة العالمية انها مدينة تعيش كارثة إنسانية جراء القصف والحصار، ولا يوجد ما يمنع من القيام بمثل هذه المبادرة وقد اعتادت دول العالم على اجراء طرد السفراء كلما نشبت بينها خلافات حادة مثلما قامت بريطانيا بطرد السفير الروسي لديها بعد فضيحة التجسس التي أودت بحياة أحد عملائها الروس على يد المخابرات الروسية السنة الماضية، كما أقدمت كل من ڤنزويلا وبوليڤيا على طرد سفيري اسرائيل لديهما احتجاجا على العدوان الإسرائيلي على غزة.
من تداعيات الحرب على غزة كما يراها نخبة من المحللين السياسيين انها ستدفع بموجة جديدة من العنف في المنطقة، وستعزز موقف التيارات المتشددة وستزيد من الانشقاقات بين الدول العربية، كما يدل على ذلك مؤتمرا قمة الكويت وغزة في الدوحة، وستضعف خيار السلام الذي تتبناه دول الاعتدال العربية ليغدو مجرد شعار ليس له أي اثر على ارض الواقع، وسترفع وتيرة المزايدة على القضية الفلسطينية لدى معسكر الممانعة العربي وايران، وستؤكد حقيقة ان مؤتمرات واتفاقيات السلام في مدريد وأوسلو وأنابوليس وغيرها كانت مضيعة للوقت ولم تخدم عملية السلام وليست معنية بإقامة دولة فلسطينية مما دفع الفلسطينيين الى تبني خيارة المقاومة، كما تشهد على ذلك ساحة غزة الآن، الأمر الذي جعل السلطة الفلسطينية الحالية في موقف لا تحسد عليه بعد ان فقدت مصداقيتها في تحقيق اي تقدم خلال المفاوضات الطويلة مع اسرائيل وفشلت في مجاراة الشارعين العربي والفلسطيني المتعاطفين مع المقاومة في غزة التي حظيت بتأييد شعبي متزايد منذ انتخابات السلطة الماضية.
وإذا كانت الحكومة الإسرائيلية الحالية تتخذ من حرب غزة ورقة للفوز في الانتخابات المقبلة فماذا تملك السلطة الفلسطينية من أوراق كي تقدمها لشعبها بعد هذه الحرب؟ بالتأكيد.. لا شيء.