سلطان إبراهيم الخلف
منذ قرون طويلة والتعايش السلمي كان سائدا بين المسلمين والنصارى واليهود في المجتمعات الاسلامية التي تشكلت بعد الفتوحات بفضل التسامح الديني الذي تميزت به الشريعة الاسلامية تجاه ممارسة أهل الكتاب لشعائر دينهم رغم الاختلافات العقدية العميقة بين عقيدة التوحيد التي يدين بها المسلمون وعقيدة التثليث التي يدين بها النصارى وعداوة اليهود ومؤامراتهم ضد المسلمين، ولم يحدث في تاريخ العلاقة بين المسلمين وأهل الكتاب ان تدخل النصارى في دين المسلمين وطالبوهم بالتنازل عن عقيدة التوحيد من منطلق حقوق المواطنة، كما لم يتدخل المسلمون في دين النصارى ولم يلزموهم بالتنازل عن عقيدة التثليث احتراما للاكثرية المسلمة وكذلك الامر مع اليهود، وهكذا سارت الحياة هادئة بين جميع الطوائف الدينية في البلاد الاسلامية تحكمهم الألفة والاحترام فيما بينهم ويتقاسمون محبة الأرض التي يعيشون فوقها، اللهم اذا استثنينا من ذلك فترة الاستعمار الذي مارس لعبة الطائفية على قاعدة «فرق تسد» من اجل تفكيك العالم الاسلامي الكبير، لذلك فإنه من المستغرب ان يطالب البعض بتعديل مناهج التربية الاسلامية لتتماشى مع معتقداته، لان ذلك يعد تدخلا في معتقدات الأغلبية وتعديا على اسس ومبادئ التعايش السلمي الذي ارتضته فئات الشعب الكويتي جميعا منذ نشأة الكويت.
الذي نخشاه ـ وقد حصل ـ ان مسألة تعديل المناهج قد دخلت حيز التكسب السياسي والذي يبدو ان لاعبيه من اصحاب البيانات النارية غير المسؤولة التي يطلقونها بين حين وآخر ولا يراعون أمن ومصلحة البلد، ربما يجرون الكويت من حيث يشعرون او لا يشعرون الى أتون فتنة طائفية، المستفيد الاول منها اطراف خارجية معروفة.
كنا نتمنى ان يتنافس النواب في موضوع تطوير المناهج على المطالبة بجودتها وفق المعايير العلمية الحديثة وضمان ربطها بالمهارات الحياتية والتقنيات الحديثة التي تعود بالنفع على اقتصاد البلد بعيدا عن هذا السلوك الانتقائي المريب في اختيار مادة التربية الاسلامية واثارة زوبعة حولها.