من الطبيعي أن يشعر الباكستانيون بالسعادة بعد أن فاز صادق خان ذو الأصول الباكستانية بانتخابات بلدية لندن وصار رئيسا للبلدية، والأمر ينسحب كذلك على الكينيين الذين غمرتهم السعادة عندما فاز أوباما ذو الأصول الكينية برئاسة الولايات المتحدة، أو السوريين بفوز كارلوس منعم ذي الأصول السورية، كما أن الألمان يفتخرون بعالم الفيزياء الألماني وصاحب نظرية النسبية الشهيرة ألبرت أينشتاين بإسهاماته العلمية رغم هجرته إلى الولايات المتحدة وحصوله على الجنسية الأميركية خلال الحكم النازي لألمانيا.
وإذا استثنينا الفيزيائي أينشتاين فماذا عسى أن يقدمه الساسة الثلاثة لشعوبهم التي ينتمون إليها غير مشاعر الاحتفاء بهم؟ فهؤلاء الساسة أصبحوا جزءا لا يتجزأ من مجتمعاتهم التي ترعرعوا وعاشوا فيها وتطبعوا بقيمها ولولا اندماجهم التام وتقبلهم بقيم هذه المجتمعات لما استطاعوا تحقيق هذه النجاحات التي من شروطها الاندماج التام فيها.
فصادق خان يوصف بأنه تقدمي لأنه يؤيد زواج المثليين وهذا دليل على أنه لا يعير اهتماما لموقف الإسلام أو المسيحية أو اليهودية أو الأديان الأخرى التي ترفض سلوكيات المثليين، ناهيك عن زواجهم، ولولا تقدميته هذه لما شفعت له خبرته السياسية في حزب العمال الذي ينتمي إليه في تقلد منصب رئاسة بلدية لندن، وهو لا يختلف عن نظيرته الباكستانية البارونة سعيدة يوراسي التي تقلدت منصب أول وزيرة مسلمة في بريطانيا من حزب المحافظين، وقد تعرضت للقذف بالبيض الفاسد من قبل بعض المحتجين المسلمين لكونها غير ملتزمة كمسلمة، ويرجع الفضل إليها في إطلاق سراح مواطنتها البريطانية المتهمة من قبل السلطات السودانية بالتعدي على شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم أمام طلابها في المدرسة.
وبالمثل فإن أوباما لا تربطه بالمسلمين أية صلة سوى جذوره الإسلامية الكينية وكل ما يعرفه عن الإسلام هو المزاعم بأن القرآن غير متسامح ويشجع على الإرهاب، وينصح المسلمين بتعديل قرآنهم حتى يكونوا مثل المسيحيين المتسامحين، وموقفه العدائي من الإسلام والمسلمين لم يعبر عنه رئيس أميركي سابق بهذه الصراحة المباشرة، وهذا دليل على أن خلفيته عن الإسلام سوداوية ولعلها كانت أحد عوامل نجاحه في الوصول إلى كرسي الرئاسة الذي يتطلب انحيازا تاما الى الصهاينة ضد القضايا العربية والإسلامية.
وعلى العكس من ذلك فإن النخب السياسية اليهودية في أوروبا والولايات المتحدة هم أكثر ولاء ليهوديتهم ودفاعا عن الدولة الصهيونية حتى إن كانوا تقدميين.
وعلى المسلمين ألا يجرفهم التعاطف مع أي سياسي غربي أو أميركي ذي جذور إسلامية يتسلم منصبا رفيعا في دولته فيعتقدوا أن بإمكانه الاشتغال في صالح قضاياهم العربية أو الإسلامية، وعليهم أن يعتمدوا على أنفسهم في الدفاع عن قضاياهم العادلة ويتخلصوا من وهم الآخر العالق في أذهانهم.
***
اتهام ما يسمى بحزب الله التكفيريين ـ حسب قولهم ـ باغتيال أحد زعمائهم مصطفى بدرالدين، دليل كبير على عجز هذا الحزب عن مواجهة الفاعل الحقيقي الصهاينة الذين اغتالوا عماد مغنية وابنه جهاد ولايزالون يتعقبون كبار زعامات الحزب. لقد تورط هذا الحزب في المستنقع السوري ولا يستطيع خوض حرب أخرى مع الصهاينة وهم يغتالون قياداته بكل أريحية ويدركون عجزه عن الرد.
مصطفى بدرالدين هو أحد منفذي عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري رحمه الله في 2005، كما أنه شارك في تنفيذ سلسلة من التفجيرات داخل الكويت في 1983، وهرب من سجنه في الكويت مع بداية الاحتلال العراقي 1990، وقاد عملية تدمير بلدة القصير وحصار مضايا الصامدة، لكن الإرادة الإلهية كانت له بالمرصاد يوم 13 مايو 2016 حيث اغتيل بانفجار عظيم في محيط مطار دمشق الحصين وبنفس الطريقة التي كان يتبعها في قتل الأبرياء والجزاء من جنس العمل.