لم يكتب النجاح لمحاولة الانقلاب التي قامت بها شرذمة من عساكر الجيش التركي للاستيلاء على السلطة، وما هي إلا ساعات حتى فشل الانقلاب وتم إلقاء القبض على كبار قادتهم، على عكس الانقلابات السابقة التي ينجح فيها الانقلابيون العسكر ويستولون فيها على السلطة ويقيمون نظاما ديكتاتوريا قمعيا.
والفضل في إجهاض هذه المحاولة الانقلابية يرجع إلى الشعب التركي الذي نزل إلى الشوارع وواجه دبابات الانقلابيين ليقول لهم نحن مع الديموقراطية ونرفض انقلابكم.
وهو تغير كبير يشهده تاريخ تركيا الحديثة ودليل على زيادة الوعي التركي بأهمية الديموقراطية في ضمان حياة كريمة للشعب التركي ولمستقبل أجياله القادمة، وأنه لن يكون بعد اليوم متسامحا مع ديكتاتورية عسكرية قمعية تعيد البلد إلى الوراء وتدمر آماله وطموحاته المستقبلية.
فتركيا اليوم كما يقول الرئيس السابق عبدالله غول لم تعد دولة أفريقية أو دولة في أميركا اللاتينية التي يتداول فيها السلطة منفذو الانقلابات العسكرية الخاطفة.
فقد الانقلابيون أي تعاطف شعبي معهم وزاد من حدة الغضب عليهم قصفهم للبرلمان التركي الذي يمثل رمز الإرادة الشعبية وهو اعتداء مباشر على الشعب التركي وإهانة لكرامته.
كما فشلوا في استدراج كبار قادة الجيش التركي للمشاركة في الانقلاب وقاومهم عناصر الأمن والجيش بكل بسالة، وفاجأتهم الأحزاب التركية بوقوفها إلى جانب الشرعية الديموقراطية التي يمثلها حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وبقدر ما هو فشل ذريع مُني به الانقلابيون العساكر، وبهجة للشعب التركي المنتصر، فإنه مخيب لآمال بعض الدول خاصة الدول الديكتاتورية القمعية التي يسوؤها التقدم الذي تشهده الدولة التركية في ظل ممارستها للحياة الديموقراطية الصحيحة، ومخيبا لآمال الدول الغربية وروسيا الذين جاء تنديدهم بالانقلاب الفاشل متأخرا جدا.
وسيكون الخامس عشر من يوليو علامة تاريخية فارقة للدولة التركية كآخر مسمار في نعش مغامرات العسكر يحتفي بها الشعب التركي وتسعد بها الشعوب المحبة للحرية.