في السنوات الأولى من استقلال بلادنا الكويت كانت أيام الاحتفال بالاستقلال تشــــهد عروضا عسكرية من الجيش ومن أفراد الداخلية، ومهرجانا استعراضيا تــــشارك فيه المدارس ويـــــؤديه الـــطلاب على ساحة ثانوية الشويخ بعد استعدادات مضنـــية، وكــــانت مـــشاعر الاحــــتفاء بيوم الاســـتقلال حاضرة في الأذهان لدى عموم الكويتيين والمقيمين لأن الجو العام كان صورة معبّرة عن حالة الابتهاج بذلك اليوم من تاريخ الكويت الحديث. اليوم تبدّل الحال بعد ان اندثرت عروض الجيش والشرطة والمهرجانات الطلابية وحلت محلها فوضى المسيرات العشوائية للسيارات والتجمعات، وأصبحت عبئا على جهاز الداخلية لما تتسبب فيه من احتقانات مرورية، وهمّا لكل من يريد الخروج من منزله والتمتع بقضاء بعض الوقت في الواجهة البحرية أو في مدينة الأحمدي النفطية وغيرهما من الأماكن. والغالب في هذه المسيرات هو ظاهرة رش الرغوة بين الأولاد والبنات والشباب والشابات على حد سواء وبشكل جنوني حتى يخيّل للمرء ان هذه المسيرات تحتفل بيوم الرغوة وليس يوم الاستقلال، ومع مرور السنين ربما تتلاشى مناسبة ذكرى يومي الاستقلال والتحرير من ذاكرة الأجيال القادمة ـ ان لم تكن تلاشت من ذاكرة الجيل الحالي ـ تحت ركام الرغوة وتعدو مناسبة تاريخية عادية لا تختلف عن احتفال يوم التراشق بالطماطم في اسبانيا، حيث بدأت بين مجموعة من الأصدقاء في أربعينيات القرن الماضي ثم تحولت الى احتفال يجتذب السياح.
ما نريد قوله هو ان علينا ان نقدس احتفالاتنا ونعطيها حقها التاريخي وان نغرس في نفوس أبنائنا ان هذه المناسبات ليست للهو واللعب وانما لاستخلاص العبر والدروس من الماضي والاستفادة منها في شحذ الهمم نحو رفعة الوطن والارتقاء بأفراده.
ان ما يجري امام أعيننا من لعب ولهو يقلل من عظم المناسبة ويذهب بريقها ويخفت ألقها، فالكل مسؤول امام وطنه عن ان يقدم له كل ما يستطيع ليبقي رايته عالية خفاقة.