فقدت الكويت رجلا من خيرة رجالها الأوفياء الأسبوع الماضي وودّع الشعب الكويتي الوفي الأخ فلاح مبارك الحجرف الذي غيبه الموت عن عمر الـ 93 عاما بعد حياة حافلة بالعطاءات المختلفة والأدوار الوطنية الحقّة وهو المعروف بأياديه البيضاء ومن الرعيل الأول الذين بنيت الكويت على سواعدهم الخيرة والأمينة.
قيل لحكيم: عظني. فقال: جميع المواعظ كلها منتظمة في جملة واحدة «الخوف من الله وطاعته» وأخي فلاح الحجرف، رحمه الله، حوى هذا السطر بأفعاله وأقواله وسلوكه، وسر نجاحه في الحياة مرجعه الى خوفه من الله وطاعته والعمل في بذل الخير في كل جوانب العمل الوطني والبرلماني والتعاوني، وهكذا تقاس الأمور مصداقا لقوله تبارك وتعالى (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ـ الأحزاب: 23).
لقد تابعت كل ما كتب عن الراحل الكبير فقيد عائلة الحجرف، وهو ايضا فقيد الكويت والجهراء وفقيد قبيلة العجمان على وجه الخصوص، وجميع من ارتبط به وعاشره في داخل الكويت وخارجها ولا يجتمع الناس حوله بهذا الحجم الملحوظ بعد وفاته إلا لأخلاقه ومآثره وتاريخه العريق في البذل والسعي للإعمار والمصالحات على مستوى قبيلة العجمان والقبائل الأخرى وهو دور معروف.
ولا أخفي سرا عندما أقول انني سعدت بالعمل معه في دروب الحياة خاصة في الفترة من 1971 الى 1975 وما تلاها من انتخابات، فقد تشاورنا في أمور كثيرة هدفها مصلحة الوطن والمواطن.
أدواره الوطنية والاجتماعية الوظيفية والمهنية لا تعد ولا تحصى.
والأخ فلاح الحجرف، رحمه الله، كان أمة في رجل متعدد المواهب وأعطاه الله عز وجل قبولا بين الناس، خاصة انه نشأ في بيت محافظ عرف بالتدين والكرم، وهذا ما جعله مسؤولا حتى في يتمه تجاه أهله ومعارفه ومواطنيه، فهو وإن تربى يتيما إلا انه ربى وحمى وكبر أيتاما، وهذا كله غيض من فيض من مظاهر رجولته الحقة التي لا تحصى وهو الذي يملك قلبا اتسع للجميع، وكان، رحمه الله، يقوم بأمور كثيرة بعيدا عن الإعلام أو دائرة الضوء ويعلم الله كم بذل وأعطى من حر ماله لرفع دَين غارم وسد حاجة فقير أو محتاج.
وديوانه في منطقة الجهراء يشهد له بكل ما ذكره الناس عنه ولربما الخافي لم يظهر للآن، ولأن للتاريخ شهادة لا يجوز كتمها فإنني أقولها بكل صدق وشفافية للقريب والبعيد: إن أخي فلاح الحجرف حمل الرسالة فأحسن حملها، وبفقده اليوم تفقد الكويت رجلا وطنيا مخلصا، له مواقفه المشرفة تجاه الكويت وشعبها الوفي الأصيل الذي خرج من كل مناطق الكويت ليقدم واجب العزاء لهذه الأسرة الكريمة وذويه ولأهالي الجهراء الكرام الذين احتشدوا يوم وفاته مستذكرين مناقبه وطيب معشره.
رحم الله أخي فلاح مبارك الحجرف ووالده مبارك بن هيف الحجرف الذي روى بدمائه تراب الكويت ولحق بمن سبقوه من الشهداء الأبرار.
العزاء كل العزاء لأهلي وإخوتي من آل الحجرف الكرام.
ورحمك الله أخي «أبا مبارك» ومسكنك الجنة مع الأنبياء والأولياء والصديقين وحسن أولئك رفيقا، و(إنا لله وإنا إليه راجعون).