مع أنه شخصية مثيرة للجدل ويتميز بأسلوبه الساخر ولسانه الحاد الذي لم يسلم منه منافسوه من المرشحين الجمهوريين أو الديموقراطيين، إلا أن الملياردير الجمهوري دونالد ترامب وإمبراطور العقار استطاع أن يهزم جميع منافسيه الستة عشر الجمهوريين بمن فيهم كبار ساستهم المخضرمين من أمثال ميت رومني وتيد كروز وغيرهما، ويحصل على موافقة الحزب الجمهوري بترشحه للرئاسة.
ولعل سر نجاحه يكمن في صراحته التي جاءت مطابقة ومعبرة عن شريحة كبيرة من الشعب الأميركي الذي ينظر إليه كرجل أعمال ناجح يستطيع إخراج الولايات المتحدة من أزمتها الاقتصادية وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين الأميركيين العاطلين عن العمل بالرغم من تصريحاته النارية الساخرة والاستفزازية ضد منافسيه من الحزبين الجمهوري والديموقراطي ورغم ما أبداه من استعداد للتعاون مع الرئيس الروسي بوتين في مكافحة الإرهاب وحثه على اختراق مواقع الحزب الديموقراطي، فهذه الأمور ليست ذات أهمية إذا قورنت بالجانب الاقتصادي الذي يعتبر العامل الأساسي في توجيه الناخب الأميركي الذي يتطلع دائما إلى تحسين وضعه المعيشي والذي يرى ان هيلاري كلينتون لم تأت بشيء جديد لتحسين الاقتصاد الأميركي وأنها تسير على نفس سياسة أوباما الاقتصادية التي يعتبرونها فاشلة من الناحية الاقتصادية.
ومع أنه أفصح عن موقفه السلبي تجاه المسلمين عندما أبدى رفضه دخولهم لبلاده وتعهده بنقل سفارة بلاده للقدس كموقف تضامني مع الصهاينة، فإنه كان محقا عندما اتهم إدارة أوباما بأنها وراء قيام (داعش) وأن إيران ستبعث برسالة شكر لأوباما بعد تحرير الموصل وأن سياسة أوباما في العراق هي غباء سياسي.
ومع كل هذه الاتهامات التي يواجهها ترامب من خصومه الديموقراطيين، حيث يتهمونه بالعمالة للروس وباحتقار النساء وعدم أهليته للرئاسة أو من زملائه الجمهوريين الذين يشعرون بالحرج من تصرفاته التي تسيء إلى حزبهم العريق فإن ترامب قد ينجح في انتخابات الرئاسة القادمة كما نجح بوش الابن الذي لم يكن معدودا في مصاف كبار الساسة الجمهوريين أو أوباما ذو الجذور الأفريقية الإسلامية الذي يعتبر نجاحه مفاجأة للشعب الأميركي، حيث رواسب التمييز العنصري ضد الأميركيين السود لا تزال قائمة في المجتمع الأميركي.
لكن الأمر المؤكد ان نجاح ترامب أو هيلاري لن يغير من سياسة أميركا تجاه منطقة الشرق الأوسط لأن هيلاري ستواصل سياسة أوباما العدائية والمدمرة في منطقتنا العربية أما ترامب فسوف يزيد من مشاعر الكراهية ضد المسلمين وسيعاني المسلمون والمهاجرون معاناة فوق معاناتهم الحالية في الولايات المتحدة.
****
بعد قصف الروس ونظام الأقلية الطائفية السوري المستشفيات وقافلة المساعدات الإنسانية والمخابز في حلب، يأتي قصفهما بالأمس المدارس وقتل عشرات الأطفال في إدلب وفي دوما ليكشف لنا مدى الوحشية للنظام الروسي وحليفه الطائفي اللذين لم يجدا إلا الأطفال ليستعرضا قوتهما العسكرية عليهم، حقا فقد فاقا (داعش) في البربرية والتعدي على حياة الإنسان.
****
في الوقت الذي يمنح الأوروبيون جائزة سخاروف لشابتين ايزيديتين هربتا من (داعش)، تقوم باكستان بإلقاء القبض على الأفغانية (جالا) واتهامها بتزوير هويتها مع احتمال الحكم عليها بالسجن 7 سنوات علما ان (جالا) تعيش مشردة منذ الغزو السوفييتي لأفغانستان وبعد الغزو الأميركي وقد ظهرت صورتها لأول مرة على غلاف مجلة ناشيونال جيوغرافيك لعام 1985 واشتهرت بعينيها الخضراوين.
(جالا) المشردة نموذج لملايين المشردين من الأفغان الذين يعيشون تداعيات عربدة القوى الكبرى في أفغانستان.
مأساة (جالا) تفوق مأساة الايزيديتين ويفترض أن تتخذ شخصية تجسد مأساة المرأة الأفغانية المشردة وما تعانيه من بؤس داخل وخارج أفغانستان.
****
في ظل الأوضاع الأمنية والاقتصادية التي نمر بها، لابد من عودة نوابنا المعروفين بإخلاصهم ودفاعهم عن مسيرتنا الديموقراطية وتفانيهم في خدمة بلدنا دون مصالحهم الشخصية في المجلس القادم، لأن الكويت بحاجة إليهم اليوم أكثر من أي وقت مضى.