النفس البشرية بطبيعتها تتخوف من كل ما هو جديد وغريب وما نجهله نعاديه، كأن ذلك غريزة ربانية زرعت في البشر وأصبحت أحد الأنظمة الدفاعية، فتجد الإنسان دائما يبني استشهاداته على التشكيك والتأويل لما هو قادم من مستقبل غامض، ومن خلال ما سبق نلاحظ أن قضية الكويت الأولى هذه الأيام التي تتداول بقوة لتأثيرها على المجتمع هي قانون الخصخصة الذي هوجم ليس لجهل مهاجميه بمنافعه، وانما بسبب تخوف الكثير من أسلوب التنفيذ، وهو ما دفع البعض إلى الاعتراض عليه مع إدراكه بأنه الخطوة الأولى نحو الاقتصاد الحر الذي تسير عليه أغلب دول العالم اليوم بسبب أهميته للدولة من خلال تخفيف العبء عليها عبر إدارة القطاع الخاص لبعض المؤسسات ومشاركته في تحسين مستوى الخدمة والتنفيذ ليمنح الحكومة مرونة تؤهلها للعب هذا الدور بعيدا عن القضايا المعقدة، وهو ما سيدر على خزينة الدولة الكثير بسبب فوائده وإيجابياته في الحقل الاقتصادي وهي فلسفة اقتصادية عالمية تسير عليها المنظومة العالمية اليوم، ولكن هذا الحلم اصطدم بواقع مناف يرفض فكرة التخصيص من بعض أعضاء مجلس الأمة بسبب تعاطفهم أو لنقل احتكامهم لرأي الشارع وليس العقل والمنطق في مشهد دراماتيكي سلبي من خلال تبنيهم للأصوات المنادية بإلغاء هذا القانون لاعتبارات متعددة أبرزها خوفها على استقرار وضعها الوظيفي بسبب تجربة مشروع الوقود الأولى وغيرها من المشاريع الحكومية السابقة، وهو ما دفع البعض إلى تجييش الساحة لاعتراض هذا المشروع الحيوي عبر ترويج فكرة المؤامرة والإيحاء بهيمنة بعض المتنفذين على هذه المشاريع وفشل الحكومة فــــي مشاريع الخصخصة عبــــر تجارب سابقة لها، وهــــي شكوك منطقية تفرضها بعض المعــــطيات، ولكن المصلحة العامة تغلب على المصــــلحة الشخصية وما ترجم في قبة عبدالله الســــالم كان هو صوت العقل الذي تغلب على مزايدات رأي الشارع، وما أكده النائب الرمز أحمد السعدون من خلال مداخلته والتي أكد فيها أهمية الخصخصة والتي يجب أن تقر حيث قال في مداخلة له، إذ لم نقر هذا القانون فنحن نساعد المتنفذين من حيث نشعر أو لا نشعر للاستيلاء على مشاريع الحكومة، وأن هذا القانون جاء لوضع ضوابط على الخصخصة وكبح جماح الحكومة والمتنفذين، لينتهي حديث النائب السعدون عند هذا الحد ولكن المفارقة الغريبة في جلسة الخصخصة أن النواب المعارضين لمشروع هذا القانون هم أنفسهم من وافقوا على خطة التنمية والتي تنادي عبر أولوياتها بقانون الخصخصة، وهو دلالة على أن ما يجري ليس سوى إرضاء لبعض الوعود التي قدمت لكسب ود بعض القيادات النقابية التي تعارض هذا القانون لمصالح لا نستطيع تحديد نواياها لأن الكل يحاول أن يجد الوسيلة الأجدى التي تناسبه في هذا الموضوع، ولن يتحقق هذا التعاون إلا من خلال تفعيل الحكومة دورها الرقابي والإيجابي في تنفيذ ومتابعة هذا المشروع على أرض الواقع.
[email protected]