تعيش الكويت هذه الأيام وضعا سياسيا شبيها بموسم السرايات لا تعرف له حال، متغيرا وغير ثابت، وتعليقا على الأوضاع الأخيرة التي أثيرت وبدأت انعكاساتها تتضح مع كل يوم، نجد أن الساحة السياسية انحرفت نحو جهة الفوضوية بسبب بعض التجمعات الوليدة التي تحاول في كل مناسبة أن تقود الشارع بشكل متطرف لا يتصف بالكياسة ولا المنهجية السياسية الرزينة، بل تتصف أحيانا بالتطرف والمواجهة المباشرة وهو أمر لم نعتده، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هذا التوجه لا يناسب البيئة الكويتية الهادئة، وهو أمر غير مرحب به بتاتا، وما جري في ساحة الإرادة يصور لنا المشهد العام من مراهقة سياسية وتهافت للصدح من على المنبر من فئات غلبت عليها المزايدة السياسية بعيدا عن المصلحة العامة في محاولة للعب دور البطولة الزائفة في ظل تواري المعارضة الحقيقية عنها، الأمر الذي مهد لهم الاستفراد وقيادة الشارع بهذه الطريقة الاستفزازية وما تتبناه هذه التجمعات لا يعدو كونه أفكارا تتوجس منها وغير مدروسة وتغلب عليها معلومات استقيت من ندوات أو دواوين ليصبح الأمر بعد ذلك في يد من ليس له الأمر للأسف، فالكل يفهم والكل ينظر وأصبح الأمر كسوق للمزايدة والاستعراض اللغوي، ومن يملك موهبة المنبر هو الملهم والمنتصر في هذا السوق، وللأسف وجد هذا المنطق أرضية له تتبناه وتتعاطف معه، ولو عدنا للأسباب الرئيسية لهذه القضية لوجدنا أن الحكومة تتحمل وزر ما يحصل بشكل غير مباشر بسبب إلقائها بعض القضايا المهمة على الساحة وتواريها وكأن الأمر لا يعنيها، لذا كان الأجدر أن تتبني أطروحاتها وتبدأ بمنهجية إعلامية تسويقية تنطلق للترويج عن خططها وأفكارها ولا تدع المعارضة وحدها تعبر عن رأيها للعامة. والحقيقة تقال ينبغي للحكومة أن تنزع رداء السلبية وتهم بتنظيم صفوفها من جديد، لأن الأمر أصبح مطلبا ملحا وليس غاية بسبب الإسفاف السياسي للبعض، فالحكومة مطالبة اليوم وليس غدا ببرنامج مباشر ومعاكس لطرح أهدافها بطريقة إعلامية حقيقية ضد من يخيل له بأنه نبض الشارع كما يظن، لأن الشارع الكويتي اليوم أصبح مدركا وواعيا أكثر مما مضى لهذه المزايدات الشخصية.
[email protected]