«ليس الأمر كما كان وإنما كما يكون» هذا هو حال المملكة العربية السعودية اليوم التي تشهد تطورا لافتا على المستوى المحلي والإقليمي من خلال مؤسساتها وقطاعاتها المتعددة التي أثبتت قدرتها على التميز والتألق على الساحة العالمية، ومن خلال دعوة كريمة من الهيئة العامة للسياحة والآثار كنت شاهد عيان لرصد مجموعة من هذه التحولات التي طرأت بشكل لا يمكن تجاهله على خارطة المملكة عبر بوابة مشروع مميز تمثل بقافلة السياحة الخليجية، وقد كان لي الشرف أن أكون أحد أفرادها بجانب كوكبة متنوعة من الإعلاميين الخليجيين من مجلس التعاون الذين نالوا شرف تسجيل هذه الرحلة، مع العلم أن هذا المشروع لم يبلغ سوى عامه التاسع برعاية من محمد الرشيد الذي بدأ يجني حصيلة هذا المشروع على أرض الواقع.
وسأحاول أن أستعرض أبرز المشاهد التي مازالت مستوطنة في الأذهان لخط الرحلة الذي انطلق منذ اليوم الأول من منطقة الرياض لنرصد بعض المشاهد الحية للمتحف الوطني لمشاهدة أهم أسراره ومن ثم انتقلنا للاطلاع على مشروع قرية الدرعية التراثية التي تعود بك منذ النظرة الأولى وبسرعة إلى دهاليز الماضي لتغدو مهيئا للسفر لرحلة للماضي نحو بوابة المستقبل القريب ولتكون بذلك الرياض على مشارف أكبر مشروع سياحي في المنطقة مما يمهد لها أن تتبوأ قمة المشاريع السياحية المستقبلية والتي رصدت له ميزانية كبيرة ستسرد معه الكثير من مشاهد الماضي القديم وتذكر الأجيال بملاحم الأجداد، ولتنتهي هذه الزيارة لتبدأ المهمة الثانية المتجهة لمنطقة الإحساء والتي تعد امتدادا وعمقا اجتماعيا للكويت بسبب المصاهرة وجذور بعض الأسر هناك وما يميز هذه المنطقة الهادئة المتشعبة بأشجار النخيل وأكبر بئر نفط في العالم المسمى بالغوار بأنها منطقة لاتزال محافظة على ماضيها وأسواقها القديمة وأهلها الطيبين.
ولضيق جدول الرحلة وجدنا أنفسنا مضطرين للسفر إلى المنطقة الشرقية المعروفة بسواحلها الجميلة وأحيائها الشعبية القديمة من منطقة دارين وقلعتها الشهيرة ولم تكن هذه المنطقة غريبة علينا لأنها تتشابه بالجو العام الكويتي بشكل عام لأسباب كثيرة ولعل أهمها موقعها القريب من دولة الكويت وبعد انقضاء الفترة المقررة من الرحلة للمنطقة الشرقية والتي مرت سريعا كان خط الرحلة القادم يشير لمنطقة القصيم التي وصلنا إليها مع فترة الظهيرة لتفيء علينا أشجار النخيل وتحجب إشراقه الشمس لتشكل لوحة ساحرة ويصدق الرحال أمين ريحاني الذي قال بوصفه القصيم بباريس نجد وكما هو معروف أن منطقة القصيم تزخر بأشهر التمور فإنها أيضا تضم رجالا كان لهم الفضل في تغيير وتعزيز شكل المملكة على مر التاريخ لذكائهم ونجاحهم في العمل التجاري والسياسي كما تظم هذه المنطقة على رزنامة حافلة من المهرجانات وصلت إلى أثني عشر مهرجان رغم أن مناطقها الشهيرة عنيزة وبريدة لا يوجد فيها أي مصدر سياحي يذكر إلا أنها استحقت بذلك كل هذا الوهج والمكانة بفضل شبابها الطامحين وعلى رأسهم محافظ عنيزة المهندس المتفاني مساعد السليم الذي وجدت من لقائه تفاؤلا بالمستقبل الحقيقي لمحافظة عنيزة ومع انتهاء الرحلة توجهت القافلة إلى الوجهة التالية من البرنامج إلى أرض حاتم الطائي منطقة حائل والتي تعد من أبرز المناطق نموا اقتصاديا بعد أن تم فيها مشاريع ضخمة على مستوى العالم وقد شدني في هذه المنطقة حفاوة أهلها المبالغ لنا وهو كرم ليس بغريب عن أهل حائل ولضيق الوقت وجدول الرحلة الذي لم يكن يدعنا نرتاح أعلن عن وصولنا لنهاية خط الرحلة الطويلة والتي تمت بعجالة استطعنا أن نسجل انطباع مميز للخطوات التي يقوم ببنائها سمو الأمير سلطان بن سلمان على الجانب السياحي فله كل الشكر على مثل هذه الجهود.
[email protected]