طلال الهيفي
بعد ان انقضت سبعة وتسعون يوما من عمر الفصل الحادي عشر لمجلس الأمة المنحل اتبعت الحكومة سياسة لم نألفها بعد ان فرضت سيطرة تامة على كل أنظمة الدولة وتفعيلها لقوانين كانت شبه مغيبة تنم عن تبدل في موقفها بشكل كلي، ليفتح باب التأويل والفرضيات لما سيأتي من احداث في المستقبل، وما سيأتي بعد ذلك من متغيرات على الخارطة السياسية الكويتية الداخلية، الا ان ما يثير الدهشة والاستغراب ان المتتبع للمسيرة السياسية منذ أمد يعي ان العقلية المهيمنة على ادارة السلطة هي نفسها لم تتغير أو تتطور مع التحولات التي طرأت من حولها، فمازالت مصرة على اللعب بالاسلوب التقليدي نفسه، الأمر الذي جعلها مكشوفة ومستهدفة من حين الى آخر، فهذه المبادئ والمفاهيم التي تراهن عليها الحكومة أصبحت كالإدارات التي تثقل الجسم التنفيذي وتعيقه عن أداء واجباته.
وعلى الجانب الآخر من الواقع نرى ان الحقيقة فرضت عالما جديدا من النخب السياسية المتطلعة نحو الأفق التي كانت لها مساحة بارزة من التفرد والحضور على منصات ومنابر الندوات في الآونة الأخيرة، ولم يقتصر هذا التغير على هذه الفئة، بل انتقل الى مخضرمي السياسة لتتغير افكارهم واطروحاتهم لتناسب وتلائم ما يستشعره ويعاني منه الناخب الكويتي، وبذلك تفوق السياسيون على عقلية الحكومة وتعاملوا مع واقعهم بحرفية متناهية ليتماشوا مع أهواء مرشحيهم، وهذا ما يسمونه بـ «الذكاء السياسي».
ومع كل ذلك لاتزال الحكومة تمارس لعبتها السياسية الفاترة كما كانت فهي لاتزال أسيرة بوتقة ضيقة فلا التبصر معهود ولا التأمل موجود والمسببات التي نعزوها في ملاحظاتنا الى حزمة القرارات التي سطرتها الحكومة في جلستين من جلساتها في ظل غياب مجلس الأمة، مما يعطي دلالة واضحة حول السبب الرئيسي وراء توقف التنمية والتطوير، وأتحدى أي شخص عاقل يقول غير ذلك، فالحكومة هي من تفننت في تعطيل وتأجيل المشاريع والأدلة الحية خير برهان.
فبعد سجال وجدال على موضوع الـ 50 دينارا وعدم قدرة الدولة على تحملها نجد قرار الحكومة بزيادة الرواتب 120 دينارا متغاضية عما دللت به من عجز وتأثر الميزانية ومن ثم تبسط يديها على موضوع التعيين والندب وتقوم بوقفه حتى اختيار أعضاء مجلس الأمة القادم، وهي تؤكد ان الدولة لديها الحلول السريعة والمباشرة في معالجة أي خلل.
الا ان حكوماتنا المتعاقبة هداها الله هي من تمارس لعبة السياسة مع الشعب.
ولكن الخبز الذي خبزته الحكومة مؤخرا كان بانتهاجها الشدة وبسط هيمنتها، وستخلق في المقابل مع هذا الاحتقان السياسي المتبلد في الأجواء مجلسا صلدا عنيدا لا يمكن مواجهته بسهولة ويسر كما اعتادت الحكومات السابقة على ذلك.
فملامح ووجوه مخرجات المجلس القادم شكلت بمساهمة حكومية من دون أي دراية أو قصد.
وأستشهد في ختام الموضوع بالمثل الشعبي الشائع «خبز خبزتيه يالرفلة اكليه».