طلال الهيفي
لا يعلم الفكر من أين يبدأ او حتى من أين ينتهي فالمصيبة برحيل سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله كبيرة.
فكيف نرثيك أو ننعيك وأنت دائما معنا حتى أصبحنا على ما نحن عليه.
يا من سطرت الأفعال لتؤثرك.
ويا من غلبت على الصنيع ولم يغلبك بنيت المجد، ساهمت بإنشاء دولتك الحديثة منذ بداية شبابك عند توليك منصب نائب رئيس الشرطة والأمن العام بعد تخرجك في كلية هاندن العسكرية.
وأرسيت النظام والعدل.
فكنت تزهو هذا المنصب ولم يكن يزهوك.
وانطلقت بتأسيس القواعد الأولى للمؤسسات العسكرية الحديثة مع مطلع اول تشكيل وزاري في الكويت من خلال تعيينك وزيرا، وفييناير من عام ألف وتسعمائة وثلاث وستين، جمع الراحل سمو الامير الوالد الشيخ سعد ما بين وزارتي الدفاع والداخلية فكان كفؤا لها فجعل من هذه المؤسسات مصنعا للرجال الذين شهدوا له بالثناء والتقدير.
وكيف لا وهو من ترأس هذا السلك العسكري في جميع مشاركاته مع أشقائه العرب في حرب 1967 وحرب أكتوبر 1973.
ملبيا نداء اخوانه العرب.
ولم تقلل هذه المسيرة الحافلة من مآثر سيدها.
فمن ينسى كيف غامر الأمير الراحل بإنقاذ رئيس منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك عندما اشتد الحصار عليه في حادثة أيلول الأسود وكيف استطاع الشيخ سعد تأمين خروجه تحت عباءته في مشهد لا يتكرر ولا ينسى لبطل أفنى حياته في سبيل الآخرين ولا يمكن ان نتاجهل دوره التاريخي والبطولي في تحديه للخطر وولائه لأميره الراحل أمير القلوب وخصوصا عندما هب لاخراجه والاطمئنان على سلامته اثناء الاحتلال العراقي الغاشم ومن ثم المرحلة التي تلت ذلك وعاصرها الجميع في لم الشمل وادارة الشرعية الكويتية من الخارج على أكمل وجه.
الا ان هذا العطاء لا ينفك من التضحية والاخلاص لينطلق بعد عودة التحرير بمهام ادارة الدولة في ظل الاوضاع الأمنية الصعبة آنذاك. و
قد تصادف لي موقف حي مع الأمير الراحل حين كان في جولة مفاجئة بالليل لأحد الأسواق التجارية بعد التحرير مباشرة وكان معه الوزير الأسبق عبدالرحمن العوضي بموكب بسيط لا يمثل مركزه في جرأة قلما نجدها عند الآخرين.
فوجد في هذه الزيارة حب الأب من أسرته وكيف تمثلت صور الفرحة بمشهد عاطفي ينم عن الحب والوفاء الذي يبادله اياه ابناء وطنه. رمز سطر له التاريخ انجازاته. فأصبح شخصية لا تنسى في قلوب محبيه من ابناء بلده.
وأخيرا وليس آخرا. اذا احب الله عبدا من عباده ابتلاه. فكان بلاؤه بمرضه الذي انهكه فظل شامخا مقاوما له طيلة السنين وهذه مشيئة الرحمن. وإنا لفراقك لمحزونون بو فهد.
عظم الله أجر الكويت وأهلها بمصابها الجلل.
إنا لله وإنا اليه راجعون