طلال الهيفي
استطاعت الأزمة المالية التي تعصف دول العالم أن تتصدر قمم الأخبار وإزاحة جميع القضايا المختلفة والتقليل من أهميتها، ولم تسلم انتخابات الرئاسة الأميركية المرتقبة منها، وكذلك أيضا الانتخابات الرياضية لدينا.
فالسقوط المفاجئ لمراكز المال العالمية ألقى بظلاله على العالم الذي راح يستذكر الأزمة الاقتصادية العالمية التي أصابت العالم في 1929 من ركود اقتصادي دمر أساسيات الدول، ولأن المال مرتبط بشريان البناء والتنمية إلا أن الهزة الأخيرة لها دلالات كبيرة، اجتهد المحللون والمهتمون في تفسيرها إلا أن الحقيقة واحدة والآتي أعظم، فالمتتبع لهذه الأزمة يجد أن الأيام حبلى بالمفاجآت غير السارة طبعا وما ستؤول إليه سيكون أعظم، فالدول الكبرى سارعت إلى ضخ السيولة في مراكز المال للحيلولة دون حدوث المزيد من الخسائر، إلا أن ذلك لم يجد نفعا فيها، وتكرر الخطأ نفسه لدينا سواء في الكويت أو حتى في الدول العربية غير متعظين مما جرى عندما سارعت الحكومات بطريقة ارتجالية لدعم البورصات متجاهلة ارتدادات هذه الأزمة المترابطة معنا وانعكاساتها علينا في المستقبل، حيث لم يطرأ أي تغير على معطيات هذه الأزمة وإن كنا بمأمن عن غيرنا، بسبب العوائد النقدية الكبيرة لأسعار النفط المرتفع آنذاك، ولكن هذا لن يمنع من تأثرنا بها، ولتمثل هذه الأزمة بداية لنهاية الرأسمالية التي بدأت تقضي على ما تبقى منها وتنبئ بعصر جديد بدأ يتبلور ليعلن عن منهج لم نألفه أو حتى سمعنا عنه والذي سيشكل بالطبع على أنقاض الرأســمالية باسم جديد بعد أن صار من المستحيل الثقة في مراكز المال وأصبحت الريبة والشك هما العاملان الرئيسيان في التعامل التجاري في الوقت الراهن.
ومع فقدان المصداقية بات من الصعب الخوض فيه بعد أن كان المتعامل يعتمد على مبدأ الثقة والمصداقية في التعامل الاقتصادي ومن ثم أصبح هذا المجال طاردا بعد أن كان جاذبا، فلا عزاء لصغار المضاربين أمثال بوكسور وكمكي من هذا السقوط، لذلك ينبغي التأني ومتابعة ما ستقضي به الأيام المقبلة من أحداث جديدة.