طلال الهيفي
«بعد الاطلاع على القانون لسنة 1962، الخاص بالنظام الأساسي للحكم في فترة الانتقال، وبناء على ما قرره المجلس التأسيسي، صدقنا على هذا الدستور وأصدرناه».
أمير الكويت عبدالله السالم
صــــدر فـــي قصـر الـسـيـف
في 14 جمادى الآخرة 1382هـ
الموافق 11 نوفمبر 1962
ما سبق هو مقتطف من مقدمة الدستور الكويتي كما هو معلوم، واشير إلى جزئية أخرى بما جاء في طياته وتحديدا في الباب الأول بالمادة السادسة والتي تقول إن نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور.
وبعد هذه القراءة السريعة لما سبق، نجد أن شعب الكويت بجميع أطيافه اجتمع على مبادئ هذا الدستور، وأكد شرعيته عبر مشاركته التي امتدت 46 عاما.
ومن ثم بعد هذه الفترة من المشروع الديموقراطي الفريد في المنطقة، تطل علينا أصوات تنادي بوأد هذا الاتفاق ما بين الشعب والحاكم بسبب أزمة استجواب سمو رئيس الحكومة، ما دفع البعض إلى الترويج بتعليق المجلس في منطق غير مقبول، وهي مبادرة تنذر بصورة قاتمة للوضع السياسي في الكويت، فمن حق كل نائب استخدام أدواته الدستورية وفق القنوات المتاحة ومتابعة الوزراء وتقييم أدائهم التنفيذي ومحاسبة التقصير وفق مبادئ الدستور الذي نظم العلاقة ما بين عضو مجلس والوزراء، وسجل لنا التاريخ مشاهد عديدة من عمليات الاستجواب في مجلس الأمة والتي أفضت بعضها إلى تنحي أو حتى إقالة وزير، وكيف كانت المواجهة تحتدم بين السلطتين، وكنا نعتقد أنها محكمة لكنها سرعان ما تنفرج، وهذا هو حال عالم اللاممكن.
واليوم كالأمس وإن اختلفت المسميات، إلا أن الواقع الحالي المتمثل في تردي أداء الحكومة خلق معادلة صعبة بين السلطتين هيأ لجرأة في الطرح لدى بعض النواب والذهاب بعيدا في مساءلتهم الدستورية.
فالإخفاق المستمر والتراجع المتكرر والإحراج الدائم في المواقف وإلغاء المراسيم الأميرية والتجاوزات في المال العام وغيرها من الأمور التي ليس لها حصر جميعها مقومات ساهمت في خلق هذه المشكلة الحالية والتي وصلت الى ذروتها والجميع بانتظار ما ستتمخض عنه من أحداث على المشهد السياسي، فالمعطيات أظن أنها ثابتة وواضحة كوضوح الشمس ولا تحتاج إلى مزايدة لدى البعض، فالكل يعلم مواطن العلل ولا نرضى بمقايضة مبادئنا ببعض الأصوات الشاذة التي تنادي بتعليق الدستور، معيدا إحياء ذكرى أحداث الثمانينيات وما نتج عنها من قمع ومحاربة الحريات، فتلك الأيام ولت ومضت واليوم ليس كالأمس، وبالمناسبة العالم اليوم يحتفي بالمؤتمر العالمي الثالث للبرلمانيين ضد الفساد في دولتنا، مؤكدا الدور الذي يحظى به بلدنا من مكانة أهلته لنيل هذا الشرف الرفيع بين دول العالم، لذا نتمنى أن تسود لغة العقل والحكمة في معالجة هذه الأزمة وألا تكون لغة أعداء الديموقراطية هي النافذة، وكم أتمنى على من ينادي بحل المجلس أن يعتزل الممارسة السياسية، لأنه بوجهة نظري ما هو كفو ديموقراطية.