طلال الهيفي
طغى الاستجواب المقدم لسمو رئيس مجلس الوزراء على الأحداث المحلية ليصبح العنوان الرئيسي في كل المناسبات، فلا يخلو أي حديث مما ستفضي إليه السيناريوهات المحتملة، فالكل يدلي باجتهاده حتى أصبحت الاحتمالات عديدة، إلا أن الحقيقة واحدة لا غير مسلم بها وهذا ليس جزما أو حكما أو أسبابا، بل إنه واقع بدأت ترتسم خطوطه وهو أن هذه الحكومة قد استنفدت جميع السبل لبقائها صامدة أمام هذا السيل من الأخطاء الفادحة وانكشاف ظهرها لتصبح وحيدة من دون أي مساعدة بعد أن تخلى مؤيدوها عنها وأصبح عوير و«اللي ما فيه خير» يتكلم نيابة عنها، ناهيك عمن كان يدافع وينادي بالأمس بأنها حكومة إصلاح، بات اليوم يطالب برحيلها بعد أن فقد الثقة بهذه الإدارة المتخبطة التي لا تسلم من إحراج نفسها في كل مناسبة ولقاء.. إذا المشكلة ليست وليدة اللحظة، بل منذ ولادتها وهي تعاني من مخاض عسير، وأجهضت باختياراتها التي بنيت على أساس المحاصصة ومن ثم أثيرت القضية المشبوهة لمصروفات مكتب سمو رئيس الوزراء التي لم تنته حتى طلت قضيه فضيحة التجنيس وإلغاء المراسيم، ومن بعد ذلك أثير موضوع المصفاة الرابعة ولتختتم هذه المسيرة السياسية باستجواب سمو رئيس الوزراء.
الشاهد أن هذه الحكومة المترددة لم تشأ أن ينتهي عمرها بهذه السرعة بل آثرت أن تلعب بأوراقها الأخيرة وتستعين بمقولة «علي وعلى أعدائي» معرضة الوضع السياسي في البلد إلى شلل تام، مما حدا البعض من أعضاء المجلس على المناداة بالتهدئة وتأجيل الاستجواب وإعطائها فرصه أخيرة ليس حبا في الحكومة، بل كرها في حل المجلس وإعادة الانتخابات من جديد وما ستؤول إليه من متغيرات عليهم.
إلا أن القراءات المتوقعة تقول إن أزمة الإطاحة بهذه الحكومة واردة بعد تسريب معلومات متضاربة عن قبول استقالتها، فمع تعنت الطرفين والمكابرة وتمسك كل طرف برأيه تتهيأ مساحة من التصادم المرتقب ومن ثم العودة إلى نقطة البداية.
فالهدوء السائد هذه الأيام ما هو إلا نذير لمواجهة مقبلة منتظرة إلا أنها هذه المرة ستكون مختلفة جدا بعد أن خذلت الحكومة أغلب مناصريها داخل المجلس في الجلسة الأخيرة بسبب انسحاب وزرائها تاركة مؤيديها في حالة ذهول وصدمة بعد أن اتفقوا معا على تقويض الاستجواب المقدم لها، لتفقد أهم المبادئ الإنسانية المتمثلة في الصدق.
إذن جميع المعطيات تشير إلى أن هذه الحكومة لن تواصل مواجهتها وهي متخمة بالمثالب التي أعطبتها، وبات قبول استقالتها واجبا لا مفر منه.