طلال الهيفي
مشهد رياضي مؤسف وقعت أحداثة في الدوري المحلي لكرة القدم قبل أسبوع مضى، انتهى بتوقف المباراة وهروب الحكم حميد عرب من الملعب قبل نهايتها ومن ثم إعلانه اعتزال التحكيم حفاظا على سمعته.
وتفاصيل هذه القصة الدرامية تم تصويرها على الهواء مباشرة بمشاركة اللاعبين والإداريين الذين أتقنوا أدوارهم بشكل مميز يصعب على الممثلين أن يؤدوه في عالم التمثيل لخلوه من التصنع والمبالغة في الأداء، لذا جاء هذا المشهد بصورة محكمة لا يباريهم فيها أحد سوى ما جرى في أروقة مجلس الأمة وتحديدا في جلسة المجلس الأخيرة عندما انسحبت الحكومة من الجلسة بصورة مرتجلة وإعلانها تقديم استقالتها لصاحب السمو الأمير مبررة انسحابها بعدم تعاون المجلس معها وتعسفهم في استخدام أدواتهم الدستورية، لتشل العقول بعد الاستقالة وتعجز الأفكار عن الوصول للحلول وتدخل البلاد في لحظة ترقب وتأمل لما سيأتي بعد ذلك، ليأتي الرد على لسان رئيس المجلس ومعه رسالة من صاحب السمو الأمير على استمرار الشرعية الديموقراطية ليتنفس الكثيرون الصعداء لحكمة سمو الأمير.
هذا المشهد عايشناه لحظه بلحظة ليؤكد في النهاية أن ما حصل على المستوى السياسي لا يمكن أن يجري إلا في بعض الدول التي تؤمن بالعقل والمنطق والرأي الآخر والذي من شأنه أن يمهد لأرض خصبة من الحراك السياسي وإضفاء مساحة لتأسيس مجتمع ديموقراطي مميز.
ومما لاشك فيه أن الذي انتصر في هذه المواجهة الأخيرة بين المجلس والحكومة هو الكويت وديموقراطيتها التي أصبحت مثالا يتباهى به الجميع في المحافل والمنتديات المختلفة، وأما المنتصر الآخر في هذه القضية فهو الشعب الذي تابع هذه العملية بكل صمت ومحايدة بعيدا عن التشنج والمغالاة وإن كانت هناك حالات فردية هنا أو هناك إلا أنها لم تمنع السواد الأعظم من التزام الحياد، والمراد من الاستشهاد بالمشهد الرياضي في المقدمة أن الحلول أحيانا تكون في أيدينا وبإرادتنا ولكنها بعيدة عن قناعاتنا، والمكابرة في سبيل إرضاء الذات هي العلة في مشاكلنا وما أقدم عليه حميد عرب لا يجرؤ عليه الكبار.
فتحية للحكم الذي اختصر تداعيات ليس لها أول ولا آخر وآثر تجنب المشاكل في سبيل استمرار عجلة الحياة.
وان كانت قصة شطبه حكاية ثانية تمثل بداية موضوع لعدم الوفاء.