طلال الهيفي
اليوم يعيد التاريخ كتابة نفسه من جديد مستشهدا بماض ليس ببعيد ليبدل جهل الأمس بمعرفة كانت في نظر البعض غير مشروعة لتصبح اليوم حقيقة ملزمة، وهذا التحول جزء من الغريزة الإنسانية المتقلبة حسب أهوائها ومصالحها الدنيوية.
فمنذ أن بدأت ملامح أزمة الانهيار الاقتصادي تتشكل وتتبلور بشكل واضح في العالم لتكشف عن الآثار المدمرة لتداعياتها وتأثيرها على الجميع من دون أي تمييز، الأمر الذي خلق حالة من الفزع والبحث عن حل للحيلولة دون تفاقمها أو الحد منها في خطوات استثنائية قامت بها بعض الدول، وكوننا جزءا من هذا العالم سعت الحكومة في مبادرة ارتجالية قدرها المتخصصون بأنها غير مدروسة بسبب ضخ مبالغ كبيرة داخل السوق لإنعاشه إلا أنها جاءت كجرعات تصحيحية مؤقتة، سرعان ما عادت المشكلة من جديد دون أي فائدة تذكر واليوم تتسارع الأحداث بخطى مذهلة لتتضح معالم هذه الأزمة وتبدأ معها الأصوات تتعالى لتضطر الحكومة لأن تتدخل حيث نجد أن هناك إشارات بدأت ترسل عن التوصل لحل حكومي قريب بعد أن وضعت مجموعة سيناريوهات آخرها مشروع الاستقرار الاقتصادي لفريق الانقاذ إلا أن ما يدفع إلى الاستغراب في هذا الشأن أن الأمور قد تبدلت وتغيرت لتتعرى بعض الشخصيات التي كانت ترفض بالأمس مشروع النائب ضيف الله بورمية الشهير لإسقاط القروض والذي جردوه من مضمونه ووصفوه بخلوه من العدالة.
ولكن اليوم نجدهم يتصدرون لواء الدفاع عن الشركات الخاصة والضغط بقوة على الحكومة لكي تتدخل لحماية هذه الأملاك الشخصية من الإفلاس بأسلوب برجماتي وهي غاية تبرر الوسيلة لأسباب واعتبارات شخصية معروفة لدى الجميع وليعتمد هذا اللوبي الاقتصادي في نهجه أن الغاية تبرر الوسيلة فكل الاحتمالات مشروعة ومطروحة في سبيل انقاذ مصالحهم الشخصية وهذا دأبهم في كل زمان ومكان إلا أن الحقيقة مختلفة ما بين مشروع ضيف الله بورمية العام ومشروعهم الخاص الذين استنفعوا منهم طوال السنيين بعيدا عن منفعة الوطن والمواطن.
واليوم بعد أن بدأت هذه الأزمة تهدد أموالهم حتى علت أصواتهم تستنجد بالحكومة في معادلة لا تنم إلا عن اهداف شخصية.. والسؤال هو أين هذه العدالة التي كنتم تنادون بها بالأمس.