طلال الهيفي
أصبحت اللغة المتبادلة هذه الأيام هي لغة الأنا وفردية القرار وباتت هذه المشاهد واقعا يعكس ما يجري من حولنا على الساحة المحلية من انقسامات وتشنج في أسلوب الحوار والتسلط في الرأي، إلا أن شمعة الحياة بدأت تدب في أروقة جامعة الكويت بفضل أسماء سيكون لها شأن وسيسطر التاريخ أسماءهم من ذهب بسبب رفضهم تعطيل العقول وتكميم الأفواه في هذا الصرح الأكاديمي، وهي قصة فريدة لم نكن نعرف أحداثها إلا عبر الصور التي تناقلتها بعض الصحف وهي تبين المواجهة التي تمت ما بين أساتذة أكاديميين ورجال الشرطة داخل الحرم الجامعي قبل أيام مضت، وهو انتهاك مخز لرجال الأمن وهم في مواجهة لفض تجمع المعلمين الجامعيين مما يعد تجاوزا لم تتجرأ على فعله الأنظمة الديكتاتورية في بسط سيطرتها على الحرم الجامعي لما له من مكانة وهيبة علمية لا يمكن التعدي عليها إلا أن هذا التعدي تم في جامعتنا المحترمة على مرأى ومسمع السيدة الفاضلة وزيرة التربية وبمباركة مدير الجامعة.
وتعود حيثيات هذا الصراع منذ ثلاث سنوات عندما بدأت المضايقات والتجاوزات والمحاباة تتجلى في هذه المؤسسة الأكاديمية، فانتفضت جمعية أعضاء هيئة التدريس إلى مواجهة هذا الفساد سواء عبر القنوات الإدارية أو من خلال طرق بديلة، إلا أن إصرار المنتفعين كان أقوى منهم ليستمر الهواء الفاسد في رئة الجسم الأكاديمي طيلة تلك المدة بعد أن وصلت التجاوزات إلى تغيب دور مجالس الأقسام العلمية وإسناده إلى بعض اللجان بالجامعة مما يعد مخالفة صريحة لقانون رقم 29 لسنة 1966.
إضافة إلى سلب بعض هيئة التدريس أحقيتهم في الترقية مع العلم أن هنالك قرارات نهائية صدرت لصالحهم من خلال لجنة التظلمات بأحقيتهم في الترقية إلا أن قياديي الجامعة تجاهلوا هذه القرارات بنرجسية وتعنت.
والقائمة التي بين يدي تطول وتطول من مخالفة قانون الخدمة المدنية رقم 15 لسنة 1979 بشأن الموظفين الخاضعين لأحكام هذا القانون كما ورد رسميا بتقرير ديوان المحاسبة وكذلك أيضا من عدم الالتزام باللوائح والإجراءات المتبعة في الجامعة وصولا إلى ترهيب مفكري العقول وصانعي الأجيال.
هذه المثالب التي سبق وأشرنا إليها أصابت الجسم الأكاديمي بحالة من الشلل والعجز الفكري وما ستؤول إليه من تداعيات وآثار على الصرح الجامعي خصوصا أن الانعكاسات ستؤثر على الأداء التعليمي وسيكون الخاسر الأكبر بطبيعة الحال أبناؤنا الطلبة.
والتزاما بدوري المهني أناشد أصحاب القرار بالالتفات إلى هذه القضية التي تعد من أساسيات البناء في المجتمع. وأي خلل ستكون عواقبه وخيمة، والتاريخ سيسطر كيف كانت نهاية النظام الديكتاتوري.