طلال الهيفي
يروى أنه كان هناك حاكم أراد غزو بلدة مجاورة له فأرسل احد أعوانه ليستطلع أخبارها، وعندما وصل إليها الرسول دخل أحد أسواقها ليرى أحوالها وراح يسأل أحد الباعة عن البضائع، فأشار إلى أبرزها ونصحه بأن الأفضل يجده لدى جاره - وكذلك أيضا فعل جاره معه، فعلم أن أهل هذه البلدة على قلب رجل واحد، وكل منهم ينشد الخير لصاحبه، فعاد ليخبر الحاكم بما رأى فلما سمع الحاكم كلام رسوله امتعض وصرف النظر عن مهاجمة هذه المدينة.
وبعد فترة من الزمن أعاد هذا الحاكم فكرته فأتى بنفس الرسول مرة أخرى ليستطلع أخبار هذه المدينة فذهب إليها ليرى أحوالها وعند وصوله دخل سوقها وأعاد اختباره مع الباعة فوجد أن كل واحد منهم يقول إن بضاعته هي الفضلى وأصبحت الذميمة صفتهم، وبعد أن أيقن هذا النفور ذهب مسرعا لحاكمه ليخبره بما رأى، وحينها أمر هذا الحاكم بغزو هذه المدينة وتحقق له ما أراد.
حكاية شعبية تؤكد مبدأ التآخي والترابط بين الأفراد ومتى ما فقد هذا التجانس فستفسد الأوضاع والرعية، وهذه القصة تنطبق على ما يجري هذه الأيام في بلدنا من تصعيد بأسلوب الحوار والمناقشة وإن كان أبرزها لقاء جرى قبل أيام بين شخصيتين على إحدى المحطات الفضائية والتجريح الذي صاحبها من تصنيف البلد - داخل السور وخارج السور والطعن واللمز في أبناء الوطن بشكل استفزازي وكأنهم يظنون أن بتسولهم السياسي الرخيص سيصلون إلى ما يعتقدون.
لذا كان من الأجدر منهم احترام هذه الحرية وعقلية المشاهد في هذا الحوار والترفع عن هذه المهاترات المبتذلة، وعلى ما أظن سنرى مشاهد متكررة وكثيرة في الأيام القليلة المقبلة وخصوصا في حالة غياب تام للأجهزة الإعلامية المعنية بهذا الشأن وهذا ليس بغريب عليها إلا أنني أعيب على الدور المنوط بالجهاز الوطني الذي ينبغي أن يرصد ويحلل هذه الموجة الفاسدة من ممتطي منبر الديموقراطية ويكون لها بالمرصاد قبل أن تصل الأمور إلى مستويات لا نقدر على حلها، وإن كان هذا الخطأ موجودا لا يعني أن نتجاهله وأن نسكت عنه بل يجب على هذه الأجهزة المعنية أخذ زمام المبادرة وتصحيح الأوضاع التي بدأت بتقسيم البلاد وخلق جو يشوبه نفس طبقي طائفي وغيره من التناقضات.
كلمة أخيرة:
نتمنى من جميع المرشحين الارتقاء في الحوار بعيدا عن التشنج والصراخ، فالمواطن اليوم يعلم المرشح الجيد من السيئ.
وإن كان البعض من هؤلاء المرشحين لا يعلم هذه الحقيقة إلى الآن.