طلال الهيفي
أصبحت الرؤية التقليدية حقيقة مجردة ومؤكدة بعد أن كان الوسط الفني مرتبطا بصورة سلبية من المجتمع بسبب جرأته ومشاركة العنصر النسائي ضمن تشكيلاته، مما كان يعد في تلك الفترة من المحرمات وقد اكتسبت هذه الصفة الظالمة طوال تلك المدة لتتقوقع هذه المهنة ضمن إطار ومجاميع في خجل وحياء بعيدا عن الناس.
إلا أن التطور السريع في مختلف الميادين أشعل منارة المعرفة في كل مكان مزيلا العتمة والظلام اللذين كانا يخيمان على الأفكار والعقول لتبدأ رحلة الفنان نحو فضاء أوسع واشمل حيث استطاعت هذه الرسالة أن تقتحم جميع الأمكنة محققة أهدافها بكل سهولة ويسر حتى أصبحت شعبية البعض منهم تفوق نظراءهم في المجالات الأخرى، لكن هذه الرسالة استغلت في الآونة الأخيرة بشكل سلبي اقتضى الإشارة إليها بعد أن أصبحت أفعاله بعيدة عن أهدافه النبيلة، فمنذ أيام رصدت إحدى الصحف حادثة القبض على شبكة دعارة تتزعمها فنانة مشهورة وقد ضمت هذه الشبكة مجموعة من أبطال وكومبارس هذه المهنة. انتهى الخبر. ولو استحضرنا الذاكرة إلى الوراء قليلا لوجدنا أن الحادثة الأخيرة ليست الأولى بل إنها تسجل ضمن قائمة طويلة ضد هذا الوكر مما ينبئ بأن خللا أصاب هذه المهنة وجعلها تسبح في عالم الرذيلة في شكل علني ومبتذل وهو ما دفع الصحافة إلى تناولها وكشف أسرارها لإشباع غريزة القارئ الذي يفضل مثل هذه الأخبار.
وعند البحث عن الأسباب التي آلت إليها الأمور في الوسط الفني من تمرد وإباحية وسقوط في المحظور نجد أن هناك عدة عوامل ساهمت في ذلك وإن كان أولها القيادة أو المؤسسة التي تنظم شؤون هذه المهنة، الأمر الذي هيأ لبعض الدخلاء التغلغل في الوسط الفني وتدميره بتصرفاتهم، ومع غياب الدور الرقابي الذي ينظم هذه العملية تنامت المشاكل بشكل تصاعدي يوما بعد يوم لتبين مدى الخلل الذي أصاب الجسم الفني، لذا آثرت أن أشير لهذه القضية بعد أن وجدت تجاهلا وخصوصا من أهل هذه المهنة لما يجري من تدمير وإسفاف في ساحتهم فمن هذا المنطلق ينبغي على حكمائهم وعقلائهم أن تكون لهم وقفة إيجابية لنفض هذه الأدران التي بدأت تدمر هذا الوسط بهذا الشكل وتفقده دوره التثقيفي والامتاعي.