أعمل في القطاع النفطي منذ عقدين، وما سأتحدث عنه هو من واقع تجربة عملية وليس مجرد وثائق أو أوراق أو حديث مرسل، وسأتناول الجانب البيئي من واقع ممارسة وواقع عملي مارسته طوال فترة عملي.
ما دفعني للكتابة هو ما تناولته تقارير إعلامية مؤخرا عن وجود خلل في التعامل مع البيئة فيما يتعلق بالمصافي، وكما قلت ما سأتحدث عنه هو من واقع عملي.
في البدايات الأولى وتحديدا في نهاية الثمانينيات لم أكن مطلعا بحكم حداثة عهدي بالوظيفة على الأطر العملية للتعامل مع الشأن البيئي، ولكن اليوم أنا أعلم جيدا كيف تتعامل شركات القطاع النفطي مع البيئة، وللأمانة لا يمكن القول إلا أن تلك الشركات التابعة لمؤسسة البترول الوطنية الأم، تقوم بدرجة عالية من الاحترافية في التعامل مع الشأن البيئي.
فمثلا منذ العام 2000 وشركة البترول الوطنية الـ knpc تتبع نهجا في المشاريع الصديقة للبيئة والتي دخلت حيز التنفيذ في غالبية أقسام المصافي التابعة لها ومنها مثلا تواصل الشركة تنفيذ مشروع السيطرة على الروائح في جميع مرافقها ومنشآتها وذلك بهدف الوصول الى بيئة خالية من روائح الغاز والنفط.
وفي الوقت نفسه تواصل الشركة المضي قدما في تنفيذ عدد من المشاريع التي تستهدف مكافحة التلوث وتحسين الشروط البيئية داخل المصافي وخارجها، ومن أهم المشاريع التي تخدم هذا العرض والتي هي قيد التنفيذ، وبعضها دخل الخدمة فعليا، مشروع معالجة مياه الصرف الصناعي، ومشروع إنشاء وحدة لاسترجاع الغازات الحمضية في مصفاة ميناء الأحمدي، ومشروع معالجة التربة في مصفاة ميناء عبدالله، ومشروع الحد من الروائح في المصافي وهو مشروع رائد بالإضافة إلى تركيب كاميرات حرارية خاصة لرصد أي انبعاثات أو تسريبات ومعالجتها فورا، الأهم أن كل مصافي البترول بلا استثناء تضم وحدات لمعالجة المياه ووحدات لاستخلاص الكبريت من الوقود.
وقبل سنوات تم ردم حفرتي تخزين المواد الحفازة وإزالتهما بل وتنظيفهما تماما دون ضغط من أحد أو دون إثارة، بل كان مشروع إزالتهما من مصفاتين بدافع من مسؤولي الشركة نفسها، ولم تكتف الشركة بإزالتهما بل بتنظيفهما تماما وإعادة المشروع كمشروع بيئي بالدرجة الأولى.
وهذا فيما يتعلق بمشاريع قائمة وتنفذ وبدأت تدخل الخدمة منذ سنوات طويلة، أما اليوم فمثلا هناك مشروع الوقود البيئي الذي تعمل الشركة على أن يكون مشروعا على وجهين، الأول والأهم هو أن يكون صديقا للبيئة بإنتاج هذا النوع من الوقود، والثاني هو دخول السوق العالمي بمنتج أكثر فاعلية.
أضف إلى ذلك أن المصفاة الرابعة ستكون مصفاة صديقة للبيئة 100% بمعنى أنها ستقوم على مراعاة البيئة في كل وحداتها المتنوعة.
الأهم أن الشركة ومنذ العام 2000 تحرص على أن يكون جزء كبير من مناقصاتها متعلقا بالحفاظ على البيئة وأخضعت عملياتها جميعا منذ سنوات إلى قوانين الهيئة العامة للبيئة، وهذا بحد ذاته يثبت أن الشركة ومنذ أكثر من 15 عاما وهي تسير في الاتجاه الصحيح وأن رسالتها هي البيئة أولا ثم الانتاج، وتعاملت بكل شفافية مع تعاطيها مع جميع القضايا البيئة، وأتذكر أن شركة البترول الوطنية فازت بالمركز الثاني عام 2005 في جائزة التميز البيئي في مسابقة على مستوى الدول العربية وفاز البحث البيئي الذي قدمته بالمركز الثاني من بين 160 بحثا قدمت في المسابقة التي تمت برعاية جامعة الدول العربية.
كما قلت من واقع اطلاع ومن واقع معرفة فإن شركة البترول الوطنية في كل عملياتها تحرص أشد الحرص على البيئة وتهتم بها، وتقدم البيئة على الانتاج وهذا أمر محمود.
أما التقارير الأخيرة التي وضعت المصافي في دائرة الاهتمام فقد ركزت على المصافي متناسية الجهات التي أشرفت عليها أن المصافي تخضع لرقابة حكومية صارمة بل رقابة دولية صارمة بهذا الشأن.
أعلم يقينا هذا الأمر لكوني أعمل في القطاع النفطي منذ أكثر من عقدين، وأعلم أن هناك تغيرا كاملا في السياسة البيئة في المصافي منذ سنوات، وهو تغير إلى الأفضل على المستويات كافة.
[email protected]