قصة استقلال اسكتلندا عن بريطانيا شغلت العرب عبر تويتر وفيسبوك كما لم تفعل قضية من قبل، وما لاحظته من خلال متابعتي للقضية من بدايتها حتى نهايتها أن قضية الاستفتاء الذي تم بشكل ديموقراطي على المستوى الشعبي دونما دماء أو مظاهر شغب من اي نوع، بل ان الحادثة الوحيدة التي شهدها الاستفتاء هي حالة تلفظ عنصري في أحد مراكز الاقتراع، لا أكثر ولا أقل، مجرد حادثة بسيطة وسط أجواء مشحونة سياسية لفصل دولة عن دولة.
وللأسف ان أي حالة من هذا النوع من النزاع السياسي على أي مستوى في أي بلد عربي كان يمكن أن تؤدي إلى تمزق بين لحمة الشعب، وقد تؤدي إلى فوضى سياسية، وربما قتلى وتفجيرات أو على الأقل اتهامات متبادلة بين الطرفين تدخل في التخوين بين كلا الطرفين، في هذه التجربة يجب أن نتعلم أن الخلاف السياسي ليس اختلافا، بل مجرد اختلاف في وجهات النظر يجب ألا يؤدي إلى خلاف ينتج عنه تناحر وتخوين وإقصاء للآخر أو اتهامه بما ليس فيه.
هذا الاستفتاء التاريخي بين الشعبين البريطاني والاسكتلندي يجب أن يكون درسا نستقيه جميعا وأن نتأسى به في جميع خلافاتنا أو في جميع اختلافاتنا، وهو أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، بل إن اختلاف الرأي يجب ألا يفسد للود قضية، جملة يكررها العرب دوما ولكنهم للأسف لا يطبقونها، وللنظر إلى بلدان الربيع العربي، فاختلاف الرأي لديهم - للأسف- يفسد الود في كل القضايا.
في قضية الاستفتاء على استقلال اسكتلندا عن بريطانيا درس تاريخي للعالم اجمع حول كيفية التعاطي مع القضايا المصيرية وهي انه يجب أن تحل وفق الأطر القانونية والدستورية لا عبر التظاهرات ولا عبر فوهات البنادق أو عبر التناحر وتخوين الآخر أو إقصاء الآخر.
في الكويت مثلا لدينا خلافاتنا واختلافاتنا، ولكن يجب أن تظل وفق الأطر الدستورية والقانونية بل وفق ما هو في مصلحة البلد، مهما كان حجم خلافنا أو حجم اختلافنا يجب أن يظل ويبقى في الأطر الدستورية والقانونية لنثبت أننا أمة متحضرة كما الأمم المتحضرة.
باختصار شديد، الاستفتاء الاسكتلندي يجب أن يكون درسا تاريخيا للجميع، ويجب أن نقتدي به، لأنه درس في الممارسة الحضارية للديموقراطية، وهكذا يجب أن نكون.