محاولة بسيطة لقراءة حقيقة البديل الاستراتيجي الذي تقبع نسخة منه في أدراج الحكومة ونسخة أخرى منه بين أعضاء مجلس الأمة وما بين هاتين النسختين أخذ ورد ونظريات يتناولها المختصون حول هذا البديل الاستراتيجي وحسناته وسيئاته.
الحقيقة المجردة هنا انه لا يمكن تطبيق «نظرية» هذا البديل الاستراتيجي مادام انه يخلو من اهم عناصر البناء الحقيقي لتحديد الرواتب وإعادة تقييمها.
وأهم تلك العناصر وحتى يكون هذا البديل الاستراتيجي حقيقيا وقابلا للتطبيق على ارض الواقع هو أن يتم قبل البدء في دراسته أو نقاشه تحديد مفهومين على أساسهما يتم تحديد هذا البديل.
والمفهومان هما «المسمى الوظيفي» و«الوصف الوظيفي» أي ان يصدر قانون واضح يحدد المسميات الوظيفية لكل الوظائف بمختلف طبيعتها ومع كل وصف يتم تحديد المهام الوظيفية لحامل ذلك المسمى بدءا من المراسل والحارس مرورا برئيس القسم والمراقب وانتهاء بالقياديين، على أن يتم تحديد طبيعة العمل وساعاته لكل وظيفة والشهادة المشترطة لشغل اي من تلك الوظائف.
وبدون تحديد الوصف الوظيفي والمسمى الوظيفي لكل الوظائف في الدولة فان تطبيق البديل الاستراتيجي هو ضرب من الخيال، وان تم تطبيقه دون تحديد الوصف الوظيفي والمسمى الوظيفي لكل مهنة في كل قطاعات الدولة فإن التطبيق سيأتي ناقصا وغير عادل بل سينصف ربما شرائح ولكنه حتما سيظلم أخرى.
البديل الاستراتيجي لا يمكن تطبيقه أو حتى العمل على قانونه مادام لا يوجد وصف وظيفي واضح لكل المسميات الوظيفية وهذا أمر إداري يدل على خلل رهيب، وهذا الخلل هو ما أدى الى وجود خريج اعلام يعمل في وزارة ويتقاضى 1200 دينار وزميله في جهة أخرى وبالمسمى ذاته وبالعمل ذاته يتقاضى 840 دينارا.
البديل الاستراتيجي ليس هو الحل، الحل حقيقة هو أن يتم البدء في تطبيق بطاقة الوصف الوظيفية لكل موظفي الدولة تحدد مسميات كل وظيفة ومهامها والمؤهلات اللازمة لشغلها هنا فقط ستتحقق العدالة.
الأمر الآخر أن الحديث على أن يستثنى البديل الاستراتيجي العسكريين وعمال البترول هو حديث غير سوي، فطبيعة العمل في البترول لا تشابهها في الطبيعة أي مهنة أخرى وكذلك العسكريون، ولا يجب مساواة العسكريين وعمال البترول بالمدنيين، وهذه حقيقة لا يجب أن تدخل حيز النقاش حول الحديث عن هذا البديل الاستراتيجي الذي وكما قلت لن يتحقق إلا بإقرار قانون لبطاقة الوصف الوظيفي.
وفي المقالة اللاحقة سأتناول البديل الاستراتيجي من ناحية قانونية دستورية وكيف أن تطبيقه سيؤدي على المدى القصير إلى خفض مرتبات اكثر من نصف موظفي الدولة.