الآن وبعد مرور ربع قرن بالتمام والكمال على جريمة احتلال الكويت التي ارتكبها عن سابق تصور وتصميم جار الشمال، تحولت تلك الجريمة المروعة الى مجرد ذكرى، أو بالأصح تحولت إلى مناسبة لاستذكار حدث تاريخي أكثر من كونها حادثة يجب ألا تنسى، أسرانا وشهداؤنا يجب ألا ننساهم، ولا عجب في أن تتحول الجريمة إلى ذكرى كون الجيل الجديد الذي نشأ بعد الكارثة ويشكل اليوم أكثر من 60% من الكويتيين، لا يعرف عن هذه الكارثة سوى ما يقرأ، ولأنه لم يعايشها ولا يعرف تفاصيلها ولم يعشها فهو يعتبرها حدثا تاريخيا مثله مثل بقية الحوادث التاريخية الأخرى التي مرت بها البلاد عبر تاريخها الطويل، مثلها مثل معركة الجهراء، ومثلها مثل حادثة الصامتة عندما هدد عبدالكريم قاسم باحتلال الكويت.
ربع قرن من الزمان ولا يزال من يعيش بيننا، وهم كثر، يتذكر هذه الجريمة البشعة والمروعة التي تسببت في معاناة لم يسبق لها مثيل لمدة 7 أشهر، نعم مر ربع قرن ولكن لايزال هناك أسرى لنا لاتزال مصائرهم معلقة غير معروفة، ولنا شهداء رووا بدمائهم ثرى هذا الوطن دفاعا عنه وعن شرعيته وعن بقائه بل وبقائنا، سواء نحن الذين عايشوا تلك الفترة المؤلمة أو أولئك الذين ولدوا بعدها.
لسنا طلاب ثأر، ولكن هذا لا يعني أن ننسى هذه الكارثة التي هزت العالم كله، وبسببها تحولت المنطقة إلى ساحة حرب كما لم يحصل منذ الحربين العالميتين، وانتهت بفضل الله ومنته إلى تحرير كامل بلدنا.
الثاني من أغسطس يجب ألا يكون ذكرى ويجب ألا يكون مجرد ذكرى نستحضرها في يوم حلولها، بل يجب أن يكون حاضرا في أذهاننا، ربما كأقسى درس لنا جميعا على جميع الأصعدة، والأهم أن نستحضر ذكرى أسرانا وشهدائنا وأن تكون ذكراهم وبطولاتهم وسيلة لنا لتأصيل روح الوطنية الحقيقية، ليس بيت القرين فقط الذي اختلطت فيه دماء الكويتيين سنة وشيعة وحضرا وبدوا، بل كل المعسكرات التي تعرضت للهجوم في الثاني من أغسطس جسدت اللحمة الوطنية بل وجسدت الوطنية الحقيقية الكاملة، وطوال الأشهر السبعة من الاحتلال والمحتل لم يجد من يتعاون معه من أي طيف كان من أطياف المجتمع، وهذا ما يجب أن نستحضره في تلك الجريمة المروعة التي تعرض لها بلدنا عام 1990.
[email protected]