القراءات في اختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ومبايعته وليا للعهد السعودي تأتي وسط مباركة وإجماع بين الأوساط السعودية وارتياح عربي وإقليمي، فهذا التغيير ليس فقط من أجل التغيير أو إعادة ترتيب، فكما يجمع المراقبون للشأن الخليجي عامة والسعودي خاصة على أن الأمير محمد بن سلمان صاحب رؤية اقتصادية للإصلاح الشامل طويلة المدى تتمثل فيما هو معلن من تقليص الاعتماد على النفط كدخل رئيسي في رؤيته التي أطلقها منذ سنوات وبدأت خطواتها الفعلية حتى العام ٢٠٣٠.
والأمير محمد بن سلمان كسياسي، وهو وجه معروف ومؤثر وصاحب حضور منذ 4 سنوات وليس اليوم، فهو بحسب تراتبية ملخص عمله منذ تخرجه تولى عملا في إدارة الخبراء بمجلس الوزراء السعودي التي تعتبر مطبخ ومقر صناعة القوانين، ثم عمل مستشارا لوالده بإمارة الرياض، وتدرج في العمل إلى أن تم تعيينه وزيرا للدولة في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، وبعدها وزيرا للدفاع في عهد الملك سلمان ورئيسا للديوان الملكي في ذات الوقت، ثم وليا لولي العهد، ثم وليا للعهد الذي تولاه الأسبوع قبل الماضي، لذا فتجربة الأمير محمد بن سلمان كانت تسلسلا طبيعيا لرجل حمل معه رؤية إعادة الشباب إلى بلاده عبر إصلاحات اقتصادية شاملة عنوانها الأبرز هي رؤية ٢٠٣٠ التي يرى السعوديون فيها تفاؤلا ستشمل نقلة نوعية في بلادهم وتنقلهم من الاعتماد على مصدر وحيد إلى بلد يعتمد على عدة مصادر للدخل، والسعوديون يرون في تعيين محمد بن سلمان ما سيمنحه مزيدا من المساحة للتحرك باتجاه تعديلات إصلاحية جذرية تصب في صالح ورخاء المواطنين السعوديين، بل وإعادة الشباب إلى الحركة الاقتصادية، ليس في المملكة العربية السعودية فقط، بل في منطقة الخليج، وأيضا سيتخذ تأثير هذا الإصلاح الاقتصادي حتى إلى الدول الإقليمية المحيطة، وهي رؤية يحملها قيادي شاب يعرف جيدا أحلام جيله والأجيال القريبة منه، لذا فأي قرار سيتخذه أو يقدم عليه سواء داخليا أو خارجيا سيكون لمصلحة فئة الشباب وأحلامهم وطموحاتهم وتطلعاتهم.
نسأل الله التوفيق للملكة العربية السعودية في ظل قيادتها الحكيمة.
عمر الأمير محمد بن سلمان 33 عاما عندما أعلن وليا للعهد، ولمن لا يعرف تاريخ المملكة العربية السعودية وكيف أنها تجدد شبابها، بل إنها ولدت شابة متجددة، أن الملك عبدالعزيز آل سعود انطلق لتأسيس المملكة العربية السعودية الثالثة عام 1902 وعمره بين 26 و27 عاما، وأما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود فقد تولى منصب إمارة الرياض عام 1954 وهو لم يكمل العشرين عاما، فالتجديد في الدماء سمة البلدان التي تسعى للاستمرارية والبقاء، بل والمنافسة نحو التطور.
BoresliTariq@
[email protected]