في مقال سابق تطرقت الى قضايا نصب ساذجة تتعلق بتلقي مواطنين ووافدين اتصالات هاتفية من قبل محترفين في قضايا النصب ويبلغون المتصل بأنه ربح 50 ألف دينار أو 20 ألف دينار، وللأسف يبتلع المتصل الطعم بسذاجة بالغة ودون وع يسلم رصيده البنكي إلى النصابين على طبق من ذهب، ويذهب بعد ان يكون قد سلم ماله الى النصابين الى المخفر ليسجل قضية رغم انه شريك في القضية من خلال تسهيل حصول النصاب على ماله وحلاله، وما استوقفني مؤخرا قضايا لا تقل عنها في خطورتها وسذاجتها الى جانب كونها مرهقة لرجال الأمن والمباحث وهي قضايا ترك السيارات في وضعية تشغيل ومن ثم سرقتها، توقفت كثيرا أمام خبر نشرته جريدة «الأنباء» قبل أيام معدودة وتعلق بترك سيدة لسيارتها في وضعية تشغيل وبالطبع مفتوحة الأبواب ودخلت الى أحد الأسواق الشعبية في الفحيحيل للتسوق وحينما تم سؤالها من قبل المحقق عن سبب ترك السيارة مشغلة ومفتوحة الأبواب، قالت الجو حار وانها لا تريد ان تنتهي من التسوق لتجد السيارة حارة من الداخل بفعل حرارة الجو، وأيضا في اليوم ذاته ارتكب سائق الأمر نفسه في الصباحية ودخل للمسجد وترك السيارة مشغلة، لتسرق المركبتان من قبل مجهولين، وهناك المئات من هذه النوعية من القضايا التي تتشابه في التفاصيل نفسها تقريبا، مثل هذه القضايا تعد مرهقة للغاية بالنسبة لأجهزة المباحث لأن اللصوص ليسوا بالغباء حتى يتركوا لوحاتها كما هي وأيضا لا يبقون على لونها، فاللصوص في الغالب يستبدلون اللوحات بأخرى ويجرون عليها تعديلات. شخصيا اعتبر المجني عليهم في هذه القضايا شركاء الجناة فهم يقدمون ممتلكاتهم على طبق من ذهب الى غير أسوياء ينتظرون هذه النوعية من اللامبالاة حتى يظفروا بمركبات.
السيارات المسروقة التي تترك في وضع تشغيل تسجل للمجني عليهم قضايا مقابل مخالفة (ترك السيارة في وضعية تشغيل) قيمتها بسيطة جدا تبلغ 5 دنانير فقط لا غير، المجني عليهم في هذه النوعية من القضايا يجب الا يقتصر الأمر بهم على دفع الغرامة الزهيدة بل يجب ان توجه لهم تهمة تتناسب مع الجرم الذي ارتكبوه في حق أنفسهم وفي حق المجتمع باعتبارهم مكنوا اللصوص من مزاولة هذه الهواية.
خلال عملي في المباحث الجنائية حققت مع متهمين في قضايا سرقة مركبات وتبين لي من التحقيقات ان اللصوص سرقوا عشرات السيارات من خلال التوقف أمام البقالات والصيدليات والبنوك، بل الغريب أنهن اعترفوا ايضا بأن هذا الأمر أسهل أنواع السرقات بالنسبة لهم والأمر يكلفهم التوقف لدقائق قليلة ليسرقوا مركبة. تجنب هذه السرقات المرهقة لا يحتاج إلا الى تشغيل العقل.
فما الذي يمنع صاحب المركبة من نزع مفتاحها وإغلاق الباب، هل هذه الأمور مرهقة له؟! إذن نحن أمام إهمال متعمد يجب عدم غض البصر عنه ويجب على وزارة الداخلية البحث عن مخرج يقلص هذه السرقات كأن لا يسمح لمن سرقت سيارته بمثل هذه السذاجة أن تسجل له سيارة باسمه لعامين حتى يشعر بمدى إهماله.
أعتقد أن وجود آلية لمعاقبة مجني عليهم اعتبرهم جناة بإهمال سيدفع إلى انخفاض ملحوظ في هذه القضايا التي تحدث بالتبعية ارتفاعا في عدد الجرائم في البلاد رغم ان تجنب حدوثها أمر يسير للغاية ولا بأس ان تقوم الإدارة العامة للعلاقات العامة بحملة إعلامية تبصر المواطنين والمقيمين بضرورة تجنب مثل هذه النوعية من القضايا.
آخر الكلام: العميد عادل الحشاش ما ان تمر مناسبة إلا ويبرهن على أنه جدير بالمنصب، توقفت عند تصريحه بشأن ما حدث في مخفر صباح السالم والمتعلق بخلاف بين أحد المحامين ورجل أمن، فقبل ان يجمل ما حدث ذكر بوجود كاميرات في المخفر وثقت كل شيء، وحرص على الإشارة الى أن المؤسسة الأمنية ترفض أي تجاوز بحق كائن من كان مواطنا أو محاميا ولا تسمح بأي تجاوز في حق رجل الأمن أثناء عمله.
شخصيا لدي قناعة بأن رجال الأمن والقضاء الواقف (الإخوة المحامون) يكملون بعضهم لأجل الوصول الى الحقيقة ويجب ان يكون بينهم تعاون لخدمة الوطن والمواطن أو المقيم وليست علاقة مبنية على التحدي والتنافر.