خلال عملي مديرا عاما لأمن العاصمة، كنت وإخواني وأبنائي ضباط المديرية وضباط الصف نضبط شبابا في مقتبل العمر، منهم طلاب وموظفون مغيبون، ونعثر بحوزتهم على مواد يعترفون بتعاطيها وأنها السبب في تغييبهم عن العالم وتحليقهم في عالم آخر، ألا وهي الكيميكال.
وبحكم اختصاص كل قطاع كنا نحيل هؤلاء الأشخاص إلى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وكنا نصدم بإطلاق سراح هؤلاء لأن المواد المضبوطة معهم، والتي جعلتهم يحلقون في عالم الوهم غير مدرجة في جدول الممنوعات، ضباط مكافحة المخدرات وحيال هذا الأمر كانوا يقفون عاجزين أمام استكمال الإجراءات القانونية ومجبرين على إطلاق سراح هؤلاء المدمنين دون البحث عن مصدر شراء هذه السموم التي تعاطاها المحالون، لأن الأمر تحصيل حاصل، لذا ظلت مادة الكيميكال تتفشى في المجتمع لعدم التجريم، هذه الثغرة استغلها تجار هذه المادة الفتاكة وواصلوا تجارتهم المحرّمة التي تدر عليهم ملايين الدنانير من المال الحرام!، واستمر المتعاطون بالإقبال على المخدر المباح بجرأة كبيرة، ولمَ لا؟ فهم يتعاطون - حسب اعتقادهم - مادة تضاهي الهيروين والكوكايين في تأثيرها ولا يساءلون قانونيا!
هذا الخلل لم تكن «الداخلية» غائبة عنه، لأنها تعيش المعاناة يوميا، لذا قامت بما يجب أن تقوم به لإدراج مادة الكيميكال في جدول الممنوعات، وظلت المعاناة مستمرة حتى وقت قريب، حينما تحقق للداخلية ما أردات وأضحى مدرجا ضمن جدول الممنوعات.
وحسب علمي، أخذت الخطوة تلك جهدا كبيرا من قبل وزارة الداخلية، ويحسب للشيخ محمد الخالد إصراره على إدراج الكيميكال في جدول الممنوعات، لتضاف هذه الخطوة الى سجل إنجازاته المشهودة.
قدر الداخلية أن تتحمل تردد البعض في الحسم، وما أعنيه أنه لو تجاوبت أجهزة الدولة مع مطلب الداخلية سريعا في تصنيف الكيميكال كمخدر لتجنبنا خسائر صعب تعويضها، بعد إدراج الكيميكال كمخدر، راهن البعض على شهرتهم وعلاقتهم وحبهم للمال وظنوا أنهم في مأمن من العقاب، فاستمروا في تجارتهم المحرمة، لكن عيون رجال مكافحة المخدرات لهم بالمرصاد.
قبل أيام، أشرف أخي الفريق الفهد على ضبطية لدهم وكر لاستيراد وإعداد وتوزيع هذه السموم، وصدر بيان عن الوزارة بهذا الخصوص، وخرج العميد عادل الحشاش عبر وسائل الإعلام شارحا مخاطر هذه المادة.
حديث أخي العميد الحشاش عن الضبطية أثلج صدورنا، ونأمل أن تكون ضبطية وزارة الداخلية الأخيرة رسالة إلى ضعاف النفوس بأن الكيميكال أصبح في بؤرة اهتمام الوزارة.
آخر الكلام: بدأت الاستعدادات للعرس الديموقراطي بفتح باب الترشيح، ووزارة الداخلية تبذل جهودا كبيرة لمنع الانتخابات الفرعية وملاحقة القائمين عليها لتحقيق المساواة بين المرشحين، وهو ما يؤدي الى منافسة شريفة، آمل التوفيق لكل من يسعى لخدمة وطنه، وأراهن عن حسن اختيار الشعب لممثليه، لأن المجلس المقبل عليه مواجهة التحديات. وأطالب إخواني المرشحين وضع مصلحة الكويت فوق كل اعتبار... والله الموفق.