بشكل شبه يومي تطالعنا الصحف المحلية بقضايا تظهر- بغير الحقيقة- ان هناك انفلاتا امنيا وتزايدا في معدلات الجريمة بصورة تدخل الفزع والخوف في النفوس، ولا جدال بان عددا من هذه القضايا حقيقية ولكن وبحكم خبرتي الأمنية في قطاع البحث الجنائي وقطاع الأمن العام فإن الكثير منها كيدية وتأخذ الكثير من جهد رجال الأمن ورجال المباحث والقضاة.
هناك العديد من القضايا يحصل فيها الجناة على البراءة بعد ثبوت عدم صحة البلاغ ويحق ان يطلب المدعى عليهم التعويض جراء ما لحق بهم من أضرار نفسية.
كم الجرائم التي تسجل في المخافر يتم احتسابها كجرائم رغم عدم صحتها وبالتالي تخرج علينا احصائيات تظهر لغير المختصين بأن هناك خللا أمنيا بخلاف الحقيقة الساطعة، نعم هناك جرائم من الصعب تقبلها كتلك التي ارتكبت في وضح النهار وتعلقت بالاعتداء على صراف إيراني في منطقة المباركية وسلبه ١١ ألف دينار ظهرا على مرأى من العشرات وهذه القضايا لابد من التعجيل بضبط الجناة بالاستعانة بالتكنولوجيا المتوافرة وشبكة الكاميرات المنتشرة وشبكة الهواتف النقالة وخطوات اخرى معروفة لدى أجهزة البحث الجنائي مع الإسراع في تقديم الجناة إلى العدالة.
الحل الأنسب لفرز أو فلترة القضايا بحيث لا تظهر الإحصائيات ان تسجل القضايا بعد اجراء التحري، بمعنى أن تمنح المخافر صلاحيات بأن تحيل بعض القضايا المشكوك في منطقيتها إلى المباحث.
على سبيل المثال لا الحصر يمكن منح رجل الأمن في المخفر صلاحية احالة قضايا بعينها إلى البحث والتحري قبل تسجيلها وان لا يلزم بتسجيل قضية إلا بعد افادة من مكتب التحري وسأضرب مثالا: تقدم شخص ببلاغ يقول فيه ان أشخاصا يعرفهم سلبوه بالإكراه، ولديه معرفة تامة بهوية وأسماء الجناة وإذا تمت احالة هذه النوعية من الجرائم للتحقيق للمباحث يمكن اكتشاف أن هناك خلافا ما بين المدعي والمدعى عليهم ولا يوجد سلب، وبالتالي يعاد تصنيف القضية من جناية إلى جنحة.
ومثال آخر هو أن تأتي سيدة وتزعم بأن شخصين أو اكثر قاموا باستدراجها والاعتداء عليها، نعم قد تكون قضية حقيقية ولكن أيضا قد تكون قضية كيدية ومكاتب التحقيق الخاصة بالمباحث وقبل تسجيل قضية باستطاعتها ان تستمع إلى إفادات المدعية وقد يظهر ان لديها سوابق في الابتزاز والادعاءات الكاذبة، ويمكن بدلا من تسجيل قضية اعتداء ان تسجل للمدعية قضية البلاغ الكاذب.
فلترة القضايا من قبل أجهزة البحث والتحري ليس فيها إجحاف بحق المدعي ولكن يمكن من خلال هذه الآلية التي اقترحها الوصول إلى أرقام حقيقية للجرائم وأنواعها وبما يمكن الاجهزة المختصة من التحليل ووضع حلول للجرائم الحقيقية واستبعاد الجرائم الوهمية أو الكيدية، ولا بأس من دراسة المقترح من متخصصين قانونيين.
آخر الكلام: إلقاء أحداث ومراهقين الطابوق على وسائل النقل خاصة باصات النقل العام ومركبات وافدين في مناطق محددة باعتقادي قضية خطيرة جدا وتنمي ظاهرة العنف لدى هذه الشريحة العمرية، كنت في حديث مع احد كبار الضباط وتحدث معي عن هذه النوعية وطلب مني تناولها في نافذتي الأسبوعية، مرتكبو هذه الجرائم لا يدركون أبعاد ما يفعلونه، فهم بذلك قد ارتكبوا جرائم إتلاف مال الغير وقد تتطور الأمور إلى إلحاق الأذى البليغ أو ربما القتل، فـ «الطابوقة» قد تكون أداة للقتل ولأن من يلقي بها لا يعرف أين ستستقر وإذا ما كانت ستهشم الزجاج فقط أم تصيب السائق أو من على متن الباص أو المركبة في رأسه، المطلوب من أولياء الامور توعية أبنائهم لأنهم هم من سيحملون التبعات آجلا أو عاجلا، وأيضا على أجهزة الداخلية مراقبة بعض الطرقات التي تشهد هذه الممارسات وضبط مرتكبيها وإحالتهم إلى نيابة الأحداث ليكونوا عبرة وعظة لغيرهم.