في الخامس من نوفمبر الجاري تطرقت الى قضية سحب المركبات وطالبت في المقالة التي جاءت بعنوان «سحب المركبات وعودة الانضباط» بضرورة التدرج في تنفيذ العقوبات والاكتفاء بسحب المرفقات دون سحب المركبات على الاقل في السنة الاولى من التطبيق، وايضا دعوت من خلالها الى التدرج في العقوبات مع تفعيل النقاط (اي سحب رخصة سوق المخالف لـ ٣ اشهر)، وأشرت الى ان التعجل في تطبيق الحجز على المركبات جراء عدم ارتداء حزام الأمان ستكون له ردة فعل.
كما دعوت وزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة للعلاقات العامة والتوجيه المعنوي الى إعداد وتنفيذ حملة توعوية باعتبار ان الوقاية خير من العلاج المر، للأسف تجاهلت «الداخلية» الدعوات تلك لأسباب غير منطقية ولا أعلم لماذا؟ وأصرت على التطبيق الصارم وهو ما ادخل شعورا بان الشوارع «تعسكرت» بـ«الداخلية» ودفعت ثمار تجاهل دعوتي ودعوات عدد من الكتاب والنشطاء ورفضت الالتفات لنبض الشارع والذي نقلته بأمانة متجردا من شخصيتي الأمنية والتي تكونت وتشكلت على مدار نحو 4 عقود فجاءت ردة الفعل عنيفة في شكل رفض نيابي وشعبي كبير جدا وصل الى ان أصدر نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ خالد الجراح تعليمات الى وكيل الداخلية الفريق محمود الدوسري بالتراجع عن القانون او القرار واضطرت «الداخلية» الى وقفه لأنه لم يكن مبنيا على دراسات علمية وتفاقمت ردة الفعل لأن المرور طبق القانون بصرامة ودون روح القانون والذي ينطلق من التوعية والإقناع، على حسبما وصل لي من معلومات فإن القرار كان يفترض ان يعرض على لجنة للدراسة ولكن حدث ان نفذ القانون او القرار وبالتالي لا بد لمعالي الوزير ان يشكل لجنة للتحقيق مع من كان وراء تفعيله دون دراسة والذين تعجلوا في التطبيق قبل الانتهاء من عرضه على لجان تقيمه بصورة وافية. للأسف تحول القرار الذي فعل لمدة لا تتجاوز الـ ٢٤ ساعة الى مصدر للتشكيك في وزارة الداخلية تلميحا وتصريحا وذهب البعض الى التشكيك في الذمم والإشارة الى ان الهدف منه تنفيعي وانه غير دستوري.. الخ من الانتقادات التي اعتبرها مبررة لعدم وجود أرضية ثابتة قوية تنطلق في تنفيذ ما تراه وزارة الداخلية مناسبا.
شخصيا وبحكم عملي في وزارة الداخلية لعقود أدرك وأومن بأن أي قانون الهدف منه الصالح العام وان الالتزام بقواعد السير يحقق الانضباط وتكون المحصلة التقليل من الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن عدم الالتزام به، ولكن يظل الإقناع والمنطقية شرطا في تقبله، وبالعودة الى مخالفة الحزام، نجد ان عقوبة عدم الالتزام بارتدائه والتي تصل الى سحب المركبة لشهرين قاسية جدا، وإشكالية السحب انها تتجاوز المخالف بمعنى ان هناك أسرا كثيرة لديها سيارة واحدة وسحبها لمجرد مخالفة سيؤثر عليها بصورة مؤثرة ايضا هناك أصحاب شركات سيتضررن بمعنى: لماذا يتحمل صاحب الشركة خطأ سائق يعمل لديه ولم يلتزم بالقانون؟ أنا أؤيد بشدة تغليظ العقوبات على مخالفات الهاتف والرعونة وتجاوز الإشارات الضوئية عمدا والسرعة المفرطة وكل المخالفات الجسيمة ولكن التغليظ يطبق بعد دراسة وافية وان تقتصر العقوبة على المخالف دون ان تمتد الى غيره.
آخر الكلام: المقدم د.بدر الخبيزي احد الضباط والنماذج الشرطية المشرفة، تابعت اللقاء التلفزيوني للمقدم د.الخبيري حيث تناول الاستخدام الأمثل لوسائل التواصل بأسلوب برهن على اطلاعه الواسع، وسبق ان قرأت جانبا من كتاب أصدره وعرضه في معرض الكويت الدولي في دورته الأخيرة بعنوان «الجرائم الإلكترونية»، حسب علمي فإنه يعمل في قطاع السجون، ولكن الأنسب وجوده في المكان الذين يمكن من خلاله ان يفيد وطنه بحكم خبرته ودراسته المتخصصة واطلاعه، والداخلية لديها إدارات في أمس الحاجة الى هذه الخبرات الأمنية الوطنية الواعدة.