في الحقيقة كلنا يعلم جيدا أن الشرع الإسلامي نهى عن شهادة «الزور» لأنها تدخل النار، ونحن اليوم نتعرض لمشكلة شائكة بانتشار شهادات علمية مزورة بعضها مصدق وعليه أختام رسمية بصحتها، ولكن هذه الشهادات المزورة لا تقل خطورة عن أنها شهادات «زور» وبهتان والحكم على أصحابها ومن سعى باعتمادها وتصديقها لا شك تنطبق عليه «شهادة الزور»، فكيف المخرج من هذا المأزق الشرعي قبل أن يكون مأزقا «دنيويا» لأن عقاب الدنيا أسهل بكثير في هذه المسألة من عقاب الآخرة! بالطبع كل الإجراءات القانونية في مثل هذه القضية الشائكة تجاه هؤلاء المزورين أو من وراءهم نستطيع تطبيقها بقانون حاسم للتخلص من هذه «الفضيحة» الإدارية والقانونية والعلمية! ولكن تبقى قضية الاعتراف بالذنب والتوبة ورد الاعتبار للدولة والوظيفة والسمعة العامة لهذا الشعب هي الأساس! فهل يعقل من أقدم على هذه الفعلة والفضيحة خطورة الموقف الآن له ولأهل بيته وأولاده ومستقبله العائلي؟!
كيف يسمح «المزور» في مستندات رسمية كالشهادة العلمية التي هي بالواقع مصدر لرزقه وحياته أن يعيش مع هذا الذنب الذي لا يغتفر وكيف نراه يشمر عن ذراعه ويقبل على الله وقت الصلاة وأمام زملائه وأهله ثم يؤدي صلاته؟!
نعم يجب على كل هؤلاء الذين وقعوا في هذا الجرم الخطير والمشهود أن يكفروا عن ذنوبهم ويعودوا لرشدهم ويعترفوا بالذنب العظيم لأنهم شاركوا في شهادات «الزور»!
وتبقى المعالجات القانونية والإدارية التي تراعي مستقبل حياة هؤلاء المذنبين بعد اعترافاتهم وكشفهم للحقيقة، كيف تكون لأنها مسألة خطيرة تتعلق بسمعة كل الأجهزة العامة للدولة من مجلس الخدمة المدنية إلى مكاتب الاستشارات ووزارات الدولة وأجهزتها حتى أصغر جهاز في مؤسسات الدولة؟! لذلك نقول حتى لا تنعدم الثقة في نفوسنا ويراودنا الشك في كل شيء يجب أن تكون المواجهة والمكاشفة وأن يتقدم كل من أقدم على هذا الجرم المشهود الى النيابة بنفسه ويقدم مستنداته واعترافاته لأن شهادات «الزور» ابتلاء عظيم على الأشخاص وعائلاتهم وحياتهم ومستقبل أولادهم!
ولعل هذه المسألة تجعلنا نطارد كل الأخطاء التي تواجهنا حتى لا نقع في الفساد الإداري والمالي والقانوني والعلمي مستقبلا!