هناك قصة لامرأة أصيبت بمرض السرطان، فتساقط شعرها وتجعد جلدها، وعند مرضها أصيب زوجها بالعمى، فلم يكن يرى سقوط شعرها ولا تجاعيد جلدها، وظل على هذا الحال الى أن توفاها الله سبحانه وتعالى.
وبعد وفاتها عاد للزوج بصره، وبدأ الناس يسألونه عن حاله، وكيف عاد إليه بصره، فقال بأنه كان يرى ويبصر طوال فترة مرض زوجته ولكن وفاء وحبا لها ادعى العمى لكي لا يشعرها بالأسى على حالها.
ما اجمل الوفاء حين يكون بين الزوج والزوجة، وما اجمل الحب اللامشروط والعطاء اللامحدود، ففيه تكون الحياة الزوجية في أسمى معانيها.
فالوفاء والعطاء قيم راقية تترسخ في حياة الإنسان حتى لا يغادر هذه المحطة الا بذكرى حسنة وسيرة عطرة، محطة تحتاج الى صبر ومصابرة، تغافل وتسامح، فقد قال رسول الله ﷺ: «مالي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة في يوم صائف، ثم راح وتركها»، محطة تحتاج الى جهد ومجاهدة، نعيش فيها ولا نغادرها إلا بمبدأ «صافي يا لبن» في جميع تعاملاتنا.
كبرنا بعطاء آبائنا وأمهاتنا، واحتوونا بأحضانهم، وتعلمنا تحت أكتافهم، فجاء دور الوفاء لهم، ورد الجميل لهم، فبروا شيبانكم وعجايزكم فهم الخير والبركة، وببرهم تفتح الابواب وتتوسع الأرزاق.
كما أننا نتعلم الوفاء من صور وقصص معاصرة عايشناها، وتعلمنا منها، ففيها أسمى صور الوفاء، وفاء الزوجة لزوجها ورعايته عند مرضه وذلك ما رأيناه من ام داود التي ظلت بجانب زوجها ورعايته وخدمته وبره دون كلل أو ملل وهو طريح الفراش لا يتحرك ولا يتكلم لأكثر من 10 سنوات الى أن توفاه الله العام الماضي.
ولم تلبث سنة ونصف السنة حتى لحقت بشريك حياتها فجر الأربعاء الماضي ورحلت عن هذه الدنيا الخالة «مثيلة».
رحلت أم داود دون أن تسبب ضجيجا لأبنائها ولا أذى، بل رحلت بصمت وتركت ذكرى طيبة في قلوبنا، فرحم الله ام داود المعطاءة الوفية، الصابرة والمحتسبة، ونسأل الله ان يأجر ذويها ويرزقهم الصبر والسلوان على فراقها.
اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين واجعل قبورهم روضة من رياض الجنة وأسكنهم الفردوس الأعلى.
[email protected]
@Al_Derbass