@Al_Derbass
[email protected]
في السيرة النبوية العطرة العديد من القصص والعبر، منها ما هو مشهور ومنها ما هو غير ذلك، وقد استذكرت حادثة بعث الرسول صلى الله عليه وسلم سرية بقيادة الصحابي الجليل عاصم بن ثابت لدعوة قبيلة عضل وقارة الى الاسلام وذلك بناء على طلبهم، وهم في طريقهم غدروا بهم واقتادوهم الى مكة وصلبوهم عند الكعبة.
تبادرت إلى ذهني هذه الحادثة عندما فجعت الكويت بخبر وفاة الشيخين الفاضلين د.وليد العلي وفهد الحسيني في الهجوم الإرهابي على المطعم التركي الذي كانا يتناولان فيه الطعام في جمهورية بوركينا فاسو، حيث كانا في رحلة دعوية من تنظيم جمعية احياء التراث الإسلامي لنشر تعاليم الدين الاسلامي في ذلك البلد الافريقي.
سافر الفقيدان بعيدا للدعوة الى الله تاركين اوطانهما وأسرهما وأحبابهما، سلكا طريقا يعلمان به الخير للناس، حيث كانا في رحلة علمية لتعليم الأئمة والدعاة واستشهدا في ذلك البلد الأفريقي الذي سافرا إليه لتعليم الاسلام وأُخذا غدرا كما حدث في قصة الصحابي عاصم بن ثابت تماما.
وقد انتفضت وسائل التواصل الاجتماعي بذكر مآثرهما والمواقف الطيبة التي جمعت المغردين بهما فأجمع الناس على اخلاقهما الرفيعة وحرصهما وهمتهما العالية للدعوة الى الله سبحانه وتعالى.
وبدوري أستذكر آخر لقاء جمعني بالشيخ الدكتور وليد العلي كان عند عقد قران ابن عمي وكنت ألتقيه سابقا في المسجد الكبير، عرفته متواضعا مبتسما راقيا بأخلاقه ومحبوبا عند أصدقائه.
وفي حوار خاص بيني وبين المصور المبدع عبدالرحمن التركيت وهو صديق وجار د.وليد العلي يقول ان الفقيد كان شديد البر بوالديه، فقد كان في ظل انشغالاته وارتباطاته الدائمة إلا انه كان حريصا على زيارتهم بشكل يومي، ولم يتذكر يوما انه سمع من الدكتور كلمة مزعجه بل كان حبيبا شديد التواضع.
ويذكر أن الشهيد العلي تطوع من ثاني أيام الغزو العراقي الغاشم للعمل في المقبرة في دفن شهداء الكويت، وقد حفظ القرآن الكريم كاملا خلال فترة الغزو العراقي الغاشم على الكويت، وكرس حياته لطلب العلم والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
لا شك ان العمل الدعوي عمل شاق ومتعب بطبيعته وتلفه الاخطار، ومن سلك طريق الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى يواجه المشقة والمتاعب، وخير مثال على ذلك رسولنا وحبيبنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي لاقى الأذى من أقرب الناس إليه وهو عمه، ولكنه اكمل طريق الدعوة إلى الله دون كلل او ملل.
وقد قال النبي ﷺ «إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله» قالوا: وكيف يستعمله؟ قال: «يوفقه لعمل صالح قبل موته».
فهنيئا للشيخين هذه المنزلة حيث ساقهما الله الى حيث يحب لينشغلا بأحب الأعمال الى الله، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» ويختم الله لهما حياتهما بهذا العمل الصالح.
هذان شيخان فاضلان رحلا من هذه الدنيا، وتركا لنا درسا وعبرة برحيلهما، بأن الدنيا قصيرة، ولا تعلم نفس بأي أرض تموت، فلنعمل من الخير ما استطعنا، ولنترك بصمة خير في هذا الكون الواسع.
أسأل الله سبحانه وتعالى ان يرحم الشيخين الفاضلين ويغفر لهما ويسكنهما الفردوس الأعلى عند مستقر رحمته وان يتقبلهما عنده من الشهداء الأبرار.