أبدأ مقالي هذا بالتأكيد على أنني لست ليبراليا ولا أدعو لها، وأعوذ برب العالمين منها، مع احترامي لليبراليين الحقيقيين، ولكن كلماتي التالية لليبراليين التقليد! ويا كثرهم في هذا الزمن.
في هذا المقال أود مخاطبة الليبراليين على مزاجهم، ولن أستند إلى خطاب «قال الله وقال رسوله»، ولكن بما يناسب أفكارهم وأهواءهم وأخاطبهم بلغتهم التي يفهمونها.
فما الليبرالية «الغربية» يا سادة؟ الليبرالية هي حركة سياسية فلسفية تقوم على مبدأين لا ثالث لهما، وهما الحرية والمساواة، وهناك صور عديدة من الممارسات لتدعيم هذين المبدأين، يدعم الليبراليون بصفة عامة أفكارا مثل حرية التعبير والصحافة، والحرية الدينية، والسوق الحر، والحقوق المدنية باتساعها، والمجتمعات الديموقراطية، والحكومات المنتخبة العلمانية.
إلا أنني غير مؤمن بأن الليبرالية الغربية تدعم هذه الإفكار، إلا أنه ومما لا شك به أن لكل مجتمع مساحة من الممارسة الليبرالية تختلف اتساعا وانغلاقا بين مجتمع وآخر، فمجال الليبرالية في بلد مثل لبنان يختلف عن الليبرالية في دولة مثل الأردن رغم تقارب البلدين.
والسؤال هو هل هذا ما يقوم به اليبراليون عندنا؟ «ربعنا»!
فهم يفصلون الليبرالية على مزاجهم وأهوائهم، وليس على مفهوم الليبرالية الغربية الذي ينادون به، بل في كثير من المناسبات نراهم يسيرون عكس اتجاه الليبرالية الغربية باسم الليبرالية!
هم ينادون بالتطور والتغيير الاجتماعي والحرية الفكرية والفردية، إلا أنهم يعارضون ويهاجمون كل ما يخالف فكرهم وتوجهاتهم! فعن أي حرية وتعددية واختلاف للرأي تدعون؟!
عندما يقوم عضو مجلس إدارة جمعية الحرية الكويتية والحركة الليبرالية بالاستهزاء بشعيرة دينية إسلامية ويربطها بجماعة منحرفة مثل «داعش»، من دون تقبل لحرية الاعتقاد، فهذه ليبرالية «عالمزاج».
وعندما يكون جل تركيز الليبراليين العرب مهاجمة الشعائر الدينية الإسلامية، وفي الوقت ذاته نجدهم في الصفوف الأولى للدفاع عن حريات ومعتقدات الديانات الأخرى، فهذه ليبرالية «عالمزاج».
وعندما نجد الليبراليين العرب ينتظرون الأخطاء التي قد تقع بها الجماعات الإسلامية لمهاجمتهم، في حين أنهم صم بكم عن قضايا الفساد والحريات في المجتمع، فهي حتما ليبرالية «عالمزاج».
الليبرالية يا من تدعون الليبرالية، وكما تزعمون أنها ترفع لواء احترام حرية الآخرين في التعبير عن رأيه، والتعبير عن رأيك دون المساس بثوابت ومعتقدات الآخرين، ولكن ما تمارسونه عكس ذلك وهو ليس من الليبرالية التي تدعون، بل هو انتقام من المجتمع الذي كان ومازال وسيظل متسامحا ولا يقبل التشدد بأي شكل من الأشكال.
أكرر ما بدأت به كلماتي، وهو أنني لست ليبراليا لأنني أراه تغريبا وتهشيما لقيم المجتمع القائم على أسس إسلامية أصيلة، كما أتمنى من الليبراليين احترام عقولنا ويكتفون من تناقضاتهم بين أقوالهم المزركشة وأفعالهم المدهشة!
أسأل الله العلي العظيم الهداية لنا جميعا ولليبراليين الأصليين والتقليد.
@Al_Derbass
[email protected]