حاول الإنسان منذ قديم الزمان أن يعرف السر الرباني العظيم الذي يقف وراء الروح الإنسانية مستخدما العناصر البدائية للبحث، فما استطاع إلى ذلك سبيلا، ومع هذا التقدم الهائل، والتطور الكبير، والطفرة التكنولوجية في عصرنا الحديث والثورة العلمية الكبيرة، بدأ الإنسان الاستعانة بالأجهزة العلمية الدقيقة لدراسة علم الروح.
اعترفت كثير من الجامعات العلمية بهذا العلم، خاصة في أوروبا وأميركا، فخصصت له مقعدا للتدريس والتعليم مع غيره من الظواهر التي تسمى ما وراء الطبيعة. كانت أولى هذه الدراسات في جامعة كامبردج سنة 1940م، ثم «أكسفورد» سنة 1943م، ثم توالت في عدد كبير من الجامعات.
وتعرف «الروح»، في نظر العالم أجمع، بأنها عبارة عن موجات ذات تردد عال، موقنين بأنها موجودة بيننا في كل مكان لكننا لا نراها، ولا نسمع صوتها، بسبب عجز العين البشرية عن رؤيتها، والأذن عن سماع حركتها.. فقد ثبت علميا أن العين البشرية لا ترى إلا في حدود معينة هي ألوان الطيف، والشيء نفسه بالنسبة للأذن البشرية، التي لا تستطيع علميا السماع إلا ما بين 20 ذبذبة و 20.000 ذبذبة في الثانية الواحدة، وما زاد على ذلك فلا تستطيع سماعه، وقد ثبت بالتجربة أن بعض الحيوانات كالكلاب والقطط والخيل تمتلك القدرة على السماع أكثر من الإنسان، ولذلك تراها تجفل، أو تصرخ فجأة، لأنها تسمع ما لا نسمعه نحن.
هذه الرحلة البحثية الشاقة والطويلة، والتي استمرت مئات السنين، لم تستطع الكشف عن حقيقة الروح، التي تفرق بين الحياة والموت، لتؤكد ما قاله الله جل جلاله في كتابه الكريم: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)، وبذلك تكون الروح من الأسرار التي أخفاها الله - عز وجل - عن خلقه مهما أوتوا من العلم والمعرفة، ومهما اكتشفوا من أجهزة ومعدات طبية، فالله - سبحانه وتعالى - أراد أن يجعل علمها عنده وحده، ولذلك فإن أطباء وعلماء الكون عجزوا، وسيظلون قابعين في العجز، عن اكتشاف هذا السر الإلهي العظيم.
إذن، فمن الحقائق المسلم بها، أن روحك التي بين جنبيك هي أقرب الأشياء إليك، وأشدها لصوقا بك، لكن حقيقتها ستظل غيبية مجهولة، لن يستطع العقل البشري أن يتوصل إلى معرفة أسرار كنهها واستجلاء ماهيتها.
خلاصة القول.. ان الروح التي تسكن الجنب الإنسانية ونشعر بها جميعا خص الله عز وجل - علمها لنفسه جل وعلا - وذلك من دواعي الإيمان بالله العلي القدير خالق كل شيء بقدر وحكمة، فالطب والعلم مهما بلغا من قوة أبحاث، إلا أن الأسرار الإلهية يخرجها الله سبحانه لمن أراد فقط.
@dr_walhashash
Dr.wafaa_alhashash