هناك منح ربانية إلهية قد لا نعيرها اهتماما، رغم أننا نلمسها يشكل يومي ومتكرر، ومن هذه النعم على سبيل المثال لا الحصر نعمة النوم، التي تفضل بها المولى، عز وجل، علينا، فكانت من جميل لطفه بنا ورحمته علينا.
وقد ذكر الله جل في علاه هذه النعمة في آيات عديدة في محكم آياته، وبيّن فضلها، وعظيم امتنانه علينا بها، فقال تعالى (وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سُباتا وجعل النهار نشورا.. الفرقان: 47)، وقال أيضا (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون.. الزمر:42)، وقال أيضا في فضل هذه النعمة (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة مَن إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون.. القصص:72).
إن الناظر والمتأمل في طبيعة النوم الذي هو منّة ونعمة من الله، يجد أنه حالة من السكون، يسكن فيها الجسد من التعب والجهد، ومن خلاله يستطيع الجسم إرجاع حيويته ونشاطه، وعلى الرغم من أن الإنسان يقضي فترة طويلة من حياته نائما، إلا أن معظم الناس لا يعرفون شيئا عن هذه الرحلة اليومية وما يتم خلالها.
وهناك اعتقاد خاطئ لدى الإنسان بأن عملية النوم هي خمول تام لوظائف الجسم الجسدية والعقلية، ولكن العلم الحديث أثبت لنا أن أثناء عملية النوم يحدث العديد من الأنشطة المعقدة على مستوى الجسم والعقل، بل إن هناك بعض الوظائف تكون أكثر نشاطا لإحداث تلك التغيرات الفسيولوجية اللازمة لإعادة بناء الأنسجة في الجسم.
وإذا ما أردنا أن نعدد فوائد النوم للإنسان، فسنجد أنها كثيرة ومتعددة ولا يتسع المجال لذكرها جميعا، ومنها أنه سكون للجوارح من التعب اليومي، كذلك فالنوم يعين الجسم على الهضم السليم، وهو يخلص كذلك الجسم من السموم المتراكمة، ومن فوائده أيضا أنه يساعد في بناء أنسجة الجسم التالفة، وهو علاج فعال للقلق والتوتر والاضطرابات العصبية، ويعين على راحة القلب.
وقد اقتضت حكمته سبحانه أن جعل زمانه الليل دون النهار، وذلك حين يسكن البشر عن الحركة والضوضاء، وقد ثبت علميا أن نوم الليل فائدته أعظم من نوم النهار لما يصاحبه من سكون وراحة بال الإنسان، فسبحان الله العظيم مدبر الكون، خالق كل شيء بقدر، ما أعظم نعمه، وجميل عطاياه، وما أكثر فضله على الناس، وعظيم صنائعه، سبحانه جل شأنه وتقدست أسماؤه.