نعم لقد مات حقيقة هذه المرة وليس إشاعة وانتقل الى جوار ربه بإذنه تعالى وقد ضاقت بي الدنيا فور سماعي نبأ وفاته وأنا خارج البلاد ليعيد إلي شريط ذكرياتي معه وأسطر ما سبق ان سطرته في حق هذا الإنسان.
كيف لا تريدون ان تدمع عيني، وينفطر فؤادي لنبأ وفاة والدي وشيخي د.عبدالرحمن السميط وقد عايشته عن قرب وسافرت معه لأدغال افريقيا أكثر من مرة؟! نمت معه على الأرض اليابسة وأكلت معه طعاما منتهي الصلاحية، وقدمنا لأطفال كينيا عندما ضربتهم المجاعة شوربة (الإنقاذ) المكونة من طحين وماء وزيت في وسط الصحراء القاحلة، كانت البداية رحلة خيرية قبل 14 عاما ـ وكنت وقتها أكتب في الزميلة «الأنباء» ـ الى جمهورية تنزانيا وزنجبار في العام 1999 مع كوكبة من أهل الخير من تجار وشيوخ وأمراء الكويت والسعودية والإمارات والبحرين وقطر لافتتاح مشاريعهم الخيرية التي أقاموها هناك بدعوة من لجنة مسلمي أفريقيا التي أصبحت فيما بعد جمعية العون المباشر بعد ان سمعوا عن قصة رجل بأمة يدعى د.عبدالرحمن السميط يترأس اللجنة كان قد ترك وظيفته وتخصصه في الطب البشري في الجهاز الهضمي ليقلع إلى دول أفريقيا مع زوجته أم صهيب وأطفاله الصغار (صهيب وعبدالله واسماء ونسيبة وسمية) يعالج المرضى بإقامة المستشفيات وينشئ الكليات العلمية والإسلامية ودور الأيتام والمساجد ليدخل على يديه الإسلام بتوفيق من رب العباد مئات الآلاف من البشر ويتبوأ المئات من أيتامه اليوم المناصب العليا في تلك الدول حتى وثق به الجميع فحرصوا على التبرع للجنة لإقامة مشاريعهم من خلاله والرحلة الأخرى كانت في العام 2001 اي قبل أكثر من 10 سنوات، ونظرا لخطورتها طلب مني مازحا قبل مرافقته ان أكتب وصيتي أو أختار من الحيوانات التي ستأكلني الأسد أم النمر فكانت إجابتي الأسد حتى أكون شهيدا بشرف فكانت رحلة حقيقية استمرت شهرا طفنا خلالها الأدغال عبر كينيا وتشاد وافريقيا الوسطى، ومهما تحدثت عنك وعن بصماتك ورفع اسم بلادك والدعوة للخير وللإسلام في القارة السوداء لن أوفيك حقك.
أقول ذلك ولا أزكي على الله أحدا في نهجك الذي سرت عليه اتباعا لقوله تعالى في سورة آل عمران: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) الآية (104).
هل أتحدث عن فرحة الأيتام والفقراء عندما تصلهم معلومة قدومك.. أم عن أسلوبك الدعوي مع القبائل الملحدة.. أم عن احترامك للأديان السماوية ومجادلتك إياهم بالتي هي أحسن حتى يدخلوا الإسلام.. أم عن الأخطار التي تعرضت لها والأمراض التي ألمت بك وجعلتك تهرب بعيدا عن الضيوف في حفل افتتاح مشاريعك لتضرب نفسك إبر الإنسولين في الخفاء وتأخذ حبوب الضغط والسكر ثم تعود مسرعا لضيوفك.. أم عن الحملة المغرضة التي كان يشنها البعض ضدك وضد أعمال لجنتك ومع الأسف من بني جلدتك للطعن والتشكيك وهم يحصون الجوائز التي نلتها من مختلف دول العالم تقديرا وإجلالا لأعمالك؟! ان العين لتدمع وان القلب ليحزن وإنا على فراقك يابوصهيب لمحزونون.
اللهم تغمده بواسع رحمتك وصبر أهله واجمعنا معه والمسلمين في الفردوس الأعلى من الجنة
يا قيوم السموات والأرض.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.