خدمة العملاء ووجود نظام فاعل لتلقي الشكاوى وحلها هي القاعدة الأساسية لنجاح شركات الخدمات في ظل الاقتصاد الحر والمنافسة الكبيرة بين هذه المؤسسات ولقد أصبح لأدبيات الإدارة علم كبير في هذا المجال ويدرس في أرقى الجامعات كما أن وجود جمعيات واتحادات حماية المستهلك ساعد على تطوير هذا التخصص في الإدارة.. وفي الاقتصاديات الغربية تأخذ خدمة العملاء ومعالجة شكاويهم بعدا استراتيجيا كبيرا فهي القاعدة التي تعتمد عليها هذه الشركات لنجاحها وأي خطأ في معاملة العميل قد يكلفها الملايين بل قد يكلفها وجودها وإفلاسها.. وسأضرب أمثلة من تجربتي في الولايات المتحدة في الثمانينيات عندما كنت طالبا في مرحلة الماجستير آنذاك.. لي صديق يذكر لي أنني إذا كنت على رحلة ما أي تأخير ولو خمس دقائق يعني تذكرة مجانية لي.. ففورا أذهب إلى المدير المناوب ومن دون جدال كبير يصدر لي تذكرة مجانية – يا ترى كم من المظلومين من يقبع ساعات في المطار لدينا ولا يأبه لهم أحد؟! ودائما تفلت شركات الطيران من هذا التأخير دون أي تكلفة.. وتكرر التأخير مرة بعد مرة ولا من محاسب، التجربة الأخرى جرت لي أيضا مع الطيران حيث كنت في رحلة مع زميل لي من لوس انجيليس إلى فلوريدا ومن ثم إلى واشنطن أو نيويورك لا أذكر تماما وعندما وصلت إلى فلوريدا قضينا فيها بضعة أيام وعندما كنا في المطار كان الأخ الذي عمل لنا تذاكرنا في لوس انجيليس قد احتفظ بتذاكرنا إلى واشنطن – هداه الله - وذهب إلى الكاونتر وأخبرت المضيفة بالموضوع فما كان إلا أن قالت لي فليذهب زميلك إلى كاونتر الطيران الخاص بنا في مطار لوس انجيليس ويسلمهم التذاكر وأنا أصدر واحدة جديدة لك، هذا طبعا دون رسوم ولا تحقيق مع تقديمهم الشكر لنا في النهاية للطيران على خطوطهم.. هذا طبعا قبل التذاكر الالكترونية.. وكنت في 1989 في زيارة سياحية لأوروبا واستأجرت سيارة من بدجت لمدة ثلاثة أسابيع بأقل من 300 دينار مع التأمين الشامل وكنت تسلمتها من جنيف، وفي طريقي من برشلونة إلى الأندلس في اسبانيا وقع حادث لي وكنت الغلطان وتهشمت مقدمة السيارة وبعد مراجعة مكتب بدجت في القرية الصغيرة التي وقع بها الحادث قال لي: أعطيك سيارة بديلة إلى أن تخلص تصليح سيارتك وعند رجوعك من الأندلس تأخذ السيارة ولكن المشكلة كانت أن السيارة البديلة جير عادي وأنا لا أرغب في قيادتها فما كان مني إلا أن قطعت تذكرة إلى جنيف وتركت السيارة على حالها وذهبت إلى مكتب بدجت في مطار جنيف فقام بإعطائي سيارة بديلة دون تحقيق ولا لماذا.. ومن دون أن أدفع فلسا واحدا. وهناك كثير من الأمثلة التي يمكن أن أدلل عليها ولكن أحب أن أنقلك أخي القارئ إلى الكويت، فخدمة العملاء في الكويت في أدنى حدودها للأسف وذلك بسبب الاحتكار وبسبب غياب منظمات حماية المستهلك.. وإليك البرهان: كنت في زيارة للفرع الرئيسي لأحد أكبر البنوك الإسلامية بعد فترة الظهر وسلمت على الإخوة في الكاونتر للاستعلامات ولتوجيه العملاء فكان الرد باردا جدا وبالكاد يكلمونك فقلت لهم بالعامية: شفيكم.. قالوا لي: احنا بصراحة بالظهر وتعبنا وايد تعال لنا في الصبح نرد عليك.. عدل.. بنك آخر ودائما يعلن عن نفسه أنه أحسن بنك في الشرق الأوسط.. كنت استخرجت منهم بطاقة داينرز كلوب – ائتمان- عام 1984 ولقد استمرت البطاقة معي 23 سنة لم أتخلف فيها يوما عن الدفع حيث ربطت البطاقة بحسابي بالبنك وأعطيتهم تصريحا لأخذ الفواتير من الحساب.. طبعا المفروض ان أحصل على شهادة تكريم من البنك كوني عميلا قديما وملتزما بالدفع والمفروض أن أكون عميلا ماسيا.. ولكن الذي حدث بعد 23 سنة التزاما نسيت عام 2007، وبسبب ظروف معينة، ان أمر على البنك وآخذ البطاقة فما كان من البنك إلا أن ألغى البطاقة ومن دون طلب مني وعندما راجعتهم في السنة اللاحقة لأخذ البطاقة قالوا لي ألغيناها..طيب ممكن أعرف السبب.. الجواب أنك تأخرت عن تسلمها وألغيناها.. بس أنا عميل قديم وملتزم بالدفع.. الرد: هذه سياستنا وقدم طلبا جديدا.. طيب ممكن أقابل المدير.. لا لأنه راح يقولك الكلام نفسه.. بعد فتره ليست بالقصيرة.. راجعت الفرع الرئيسي.. وقابلت خدمة العملاء وقلت لهم على اللي حدث.. فقالوا لي إحنا آسفين وما يصير خاطرك إلا طيب، اكتب نموذج الشكوى وإحنا نرد عليك.. طبعا انتظرت أكثر من شهر وعلى طمام المرحوم ما حد رد علي.. فذهبت مره أخرى لخدمة العملاء.. فقالوا لي مالك إلا تذهب إلى مسؤول الشكاوى وفعلا رحت.. والمشكلة انك لازم تنطره وقافي لأنه ما في مقاعد استراحة خارج مكتبه.. وعموما التقيت فيه وشرحت له المشكلة وقال إن شاء الله ندرس الموضوع ونرد عليك، طبعا محد رد علي ولا هم يحزنون، وبعد عدة مراجعات مع مكتب المدير العام ونائبة المدير العام لم ترجع البطاقة، ويتضح هنا أن مثل هذا البنك قد تكون عنده فلسفة جيدة في خدمة العملاء بس واضح جدا أنه ليس لديه نظام متبع للشكاوى وفلسفة معلنة للتعامل معها وهذا كما في الدراسات الحديثة يضيع عليه العديد من العملاء حيث ثبت أن العميل الغاضب يضيع على المؤسسة 27 عميلا آخر أي اذا لم تستطع هذه المؤسسة حل مشاكل 100 عميل فاضربها في 27 أي 2700 عميل وعليك الحساب، كما ثبت أيضا أن الحفاظ على العميل الحالي أقل تكلفة من الانفاق على جذب 10 عملاء جدد، فالمؤسسات الخدمية بالذات لدينا بحاجة الى ثورة في تقديم الخدمات وعلاج الشكاوى وهذا لن يأتي الا من خلال ممارستنا لحقوقنا وعدم السكوت عن الاخطاء التي تحدث من هذه المؤسسات وايضا متى كانت لدينا مؤسسات وجمعيات قوية لحماية المستهلك ومنع الاحتكار.
وزارة الاوقاف والتطوير الاداري
منذ اكثر من ثلاث سنوات قرر وزير الاوقاف عمل حركة تدوير بين الوكلاء المساعدين فكان نصيب قطاع التطوير والتخطيط م.فريد عمادي، فلم تكن ردة فعل ابوقتيبة التباكي واهمال العمل لانه في قطاع في غير تخصصه، بل كانت ردة فعله قبول التحدي وقيادة هذا القطاع لتطوير الاوجه المختلفة للوزارة بقطاعاتها المختلفة لتظهر بحلة جديدة، وكان من توفيق الله ثم من حسن طالع ابوقتيبة ان الوزير المعتوق غاوي تطوير اداري وايضا د.عادل الفلاح وكيل الوزارة محب ومتفهم لعمل التطوير فوجد ابوقتيبة بيئة خصبة للنجاح، وكانت اول خطوة له بدل ان يخوض في بحر لا معرفة له فيه ان يستعين بعدة مستشارين في التطوير الاداري لتوجيهه لاتخاذ القرار الصحيح فكان ان استعان بالدكتور احمد بوزبر لوضع استراتيجية الوزارة وبالدكتور يوسف المطيري مع فريقه من جامعة الكويت لوضع التوصيف الوظيفي وتحديد الاحتياجات التدريبية، وايضا وقع الاختيار على كاتب هذه السطور لاعطائه الاستشارات المختلفة في التطوير الاداري، ومن المشاريع التي اقترحتها له وقام جزاه الله خير بالعمل على تنفيذها هي: وضع نظام جديد للتقييم الاداري وربطه ببرنامج على الحاسب الآلي وتطوير الثقافة الادارية للقياديين والادارة الوسطى من خلال توزيع كتاب شهري في مجالات الادارة المختلفة عليهم وعمل مكتبة مصغرة لديهم حول الدراسات الادارية الحديثة، بالاضافة الى اقتراح عمل محاضرة شهرية من محاضرين بالادارة، واقتراح بإلغاء العمل الورقي والبدء في المراسلات الالكترونية بين العاملين بالوزارة، وهذا تم والحمد الله وبهذا تصبح وزارة الاوقاف اول مؤسسة حكومية تعمل بالتراسل الالكتروني، وعمل دراسة لمقترح د.عادل الفلاح لعمل مركز للابداع ورعاية المبدعين، ووضع الاحتياجات من القوى العاملة المتخصصة لقطاع التطوير من مستشارين واخصائيين، واقتراح بعمل مذكرات تفاهم مع المؤسسات الخارجية في مجال التطوير للاستفادة من خبراتهم، فتم التعاون مع مركز تطوير القيادات في مصر وايضا التعاون مع المنظمة العربية للتنمية الادارية، وغيرها من المشاريع الادارية الناجحة، فكان نتيجة ذلك ان قامت وزارة الاوقاف بقيادة د.ابوزبر بوضع اول استراتيجية عملية للوزارة وعرضتها على مجلس الوزراء الذي قام مشكورا بقبولها والثناء عليها وقام رئيس الوزراء بنفسه بافتتاح تطبيق هذه الاستراتيجية، وايضا اصبح للوزارة توصيف وظيفي واحتياجات تدريبية واضحة ومع تبني الوزير لتلبية هذه الاحتياجات وافقت المالية على رصد 300 ألف دينار لهذه الخطة فأصبحت وزارة الاوقاف لديها اكبر ميزانية تدريب على مستوى الوزارات وكان من نتيجتها محو امية الكمبيوتر في الوزارة وايضا ايصال كثير من التطبيقات الادارية الحديثة الى العاملين بالوزارة، وايضا اصبح لدى قطاع التطوير مجموعة من المتخصصين بالتطوير الاداري من دكاترة واخصائيين من مختلف بلدان العالم العربي، وفي الواقع ان الانجازات كثيرة لا يمكن تحديدها بهذه السطور القليلة ولكن استفادتنا منها انه اذا كانت الارادة موجودة فيمكن تحقيق النتائج، وختاما فما كان جزاء ابوقتيبة على هذه الانجازات الرائعة الا ان قام الوزير الجديد للاوقاف وهو قادم من رحم مجلس الامة بنقله الى قطاع آخر في الوزارة ليبدأ من نقطة الصفر مرة اخرى، هذا بدلا من ترقيته ومكافأته على هذه الانجازات!
[email protected]