يبقى المعلم هو القاعدة الرئيسية للهرم التعليمي، فبدونه لا نستطيع أن ننفذ خططنا واستراتيجياتنا في مجال التعليم، ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان أكبر معلم في التاريخ، فقال الله سبحانه وتعالى واصفا نبيه (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا)، (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا، ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة، ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون)، ولقد اعترف الغرب في يومنا هذا بقوة النبي صلى الله عليه وسلم في القيادة والتعليم عندما كتب مايكل هارت كتابه «العظماء مائة»، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم أعظم شخصية في التاريخ كما قال: «إن اختياري محمدا ليكون الأول، فهو أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين الديني والدنيوي». ولو أخذنا طرق النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم والتربية لكفتنا، ولقد أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم المعلم فضلا ومكانة كبيرة في المجتمع حيث قال صلى الله عليه وسلم: «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم»، وقال صلى الله عليه وسلم: «العالم أعظم أجرا من الصائم القائم الغازي في سبيل الله»، و« إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء».
ولقد اهتمت الأمة الإسلامية بالعلم والتعلم وظهر هناك علماء كبار من الأمة مازالوا خالدين إلى يومنا هذا مثل عبدالله بن عباس رضي الله عنه ، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن مسعود رضوان الله عليهم، ومن بعدهم التابعون وأئمة المسلمين مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبي حنيفة رحمهم الله، فكلما استطاعت الأمة أن تنتج علماء جهابذة كبارا، أفادت الحضارة على مستوى العالم أجمع. وضع المعلم الحالي في الكويت وسبب عزوفه عن التعليم وجودة التعليم: يعاني قطاع التعليم في الكويت من عزوف عن الدخول به بالأخص من المعلمين الذكور الكويتيين، وأيضا يعاني المعلم من عدم قدرته على تقديم خدماته التعليمية بالجودة المطلوبة، ففي دراسة أجرتها جريدة القبس على 100 معلم من مختلف مدارس الكويت، أكد 77% من المعلمين أنهم لا يقومون بتدريس جميع الموضوعات المقررة بالمنهج مقابل 23% فقط ذكروا أنهم ملتزمون بتدريس كامل الكتاب، وأكد 62% من نفس العينة أن مناهج التربية بحاجة إلى مزيد من المراجعة والتعديل
عدد المعلمين الكويتيين في الهيئة التعليمية
في الكويت 2007 – 2008 |
المرحلة |
ذكور |
اناث |
اجمالي |
عدد |
% |
عدد |
% |
عدد |
% |
الابتدائي |
1145 |
9.1 |
11417 |
90.9 |
12592 |
100 |
المتوسط
|
2105 |
29.9 |
4933 |
69.1 |
7038 |
100 |
الثانوي |
1143 |
26.7 |
3153 |
73.3 |
4296 |
100 |
الإجمالي |
4363 |
18 |
19533 |
82 |
23926 |
100 |
المصدر: المجموعة الإحصائية للتعليم 2007 – 2008
من خلال هذا الجدول يتضح مدى عزوف الكويتيين الذكور عن التدريس حيث تبلغ نسبتهم 18% ونسبة المعلمات 82% من مجمل المدرسين الكويتيين.
نسبة المعلمين الكويتيين وغير الكويتيين في التخصصات الأساسية على مستوى المرحلة الثانوية لعام 2007 – 2008
المادة |
المعلمين الكويتيين |
غير الكويتيين |
العربية |
27% |
73% |
الانجليزية |
19% |
81% |
رياضيا |
36% |
64% |
علوم |
40% |
60% |
المصدر: المجموعة الإحصائية للتعليم 2007 – 2008.
ومن هذا الجدول تتضح قلة نسبة الكويتيين في المواد الأساسية على مستوى الثانوية العامة سواء من الذكور أو الإناث، وهذا الذي يجعلنا نحدد ما هي المشاكل التي يعاني منها المعلم والتي تجعله يهرب من هذه الوظيفة.
1 ـ مشاكل المعلم في الكويت: ضعف الإدارة التربوية: ولقد بينا سابقا رأينا حول الإدارة التربوية بما يغني، ولكن سنذكر بعض انعكاسات ضعف هذه الإدارة: عدم إلمام الإدارة التربوية بأصول الإدارة، واتباع الإدارة التسلطية بالأخص في مدارس البنات ومن مظاهرها: تكليف المدرسات بصبغ المدرسة بالأخص الفنية، تكليف المدرسات بالبيع بالمقصف، القيام بحراسة البنات في نهاية الدوام، الجلوس لساعات متأخرة في التصحيح ورصد الدرجات بدون مقابل، والقيام بالأعمال الإدارية بالمدرسة، غياب الإدارة بالأهداف وجودة التعليم، عدم وجود أنظمة قياس واضحة ومحددة، عدم القدرة على توفير الإمكانيات والميزانيات لمهنة التعليم، عدم القدرة على فهم أهداف العملية التربوية.
2- غياب الإعداد والتأهيل: ميزانية التربية للتدريب يرثى لها حيث تبلغ 100 ألف دينار مقابل 80 ألف معلم ومعلمة وإداري وإدارية أي بمعدل 1.250 لكل واحد، وكان من نتائج هذا الإهمال وعدم الإلمام بدور التدريب التالي: غياب التدريب التعريفي عند بدء العمل بالتدريس، غياب التدريب المهني: الاستيعاب الكامل لحقيقة العملية التربوية، البيئة المدرسية، القدرة على الإبداع وغياب الإعداد الثقافي: الإلمام بثقافة المجتمع (المعلمين غير الكويتيين)، القدرة على حل المشكلات، والقدرة على حسن الاختيار.
3 ـ الإعداد التدريبي: دورات تدريبية في مجال التخصص، دورات في مجال الاتصالات الفعالة، دورات في العلوم الاجتماعية ودورات في المهارات الإدارية.
4 ـ غياب الاحترام والتقدير: أهمية بناء حدود من الاحترام والتميز للمعلم في مستوى المدرسة، الاحترام والتقدير على مستوى المجتمع، إعطاء المعلمين مميزات إدارية وخدمية على مستوى خدمات الحكومة بسبب انشغاله في المدرسة وعدم مكافأة النجاح.
5 ـ ضعف الإمكانيات: ازدحام الصفوف،عدم وجود مختبرات حديثة، عدم وجود ملاعب وأماكن متميزة للأنشطة، عدم إتاحة الفرصة للتطوير الذاتي وشغله بالأمور الإدارية عن دوره الحقيقي، والميزانية التربوية مخصصة فقط للرواتب والأجهزة والمعدات، أما المعلم وتطوير العملية التربوية فلا شيء، وقد قامت السعودية حاليا بتخصيص 3 مليارات دولار فقط للتدريب ولتطوير العملية التربوية خلال السنوات الخمس القادمة.
6 ـ ضعف إدارة الموارد البشرية في وزارة التربية وعدم اتقان دورها الإداري خصوصا في التعيين ووضع شروط مزاولة المهنة.
7 ـ البيروقراطية غير المنصفة للمعلم الوافد: راتب غير مجز، عدم إعطائه حقوق السكن والتعليم، عدم مكافأته على جودة عطائه وتميزه، غياب التدريب والتطوير، عدم وجود معدلات قياس واضحة ومحددة، لجوؤهم إلى الدروس الخصوصية من أجل تعويض ضعف رواتبهم، عدم مكافأتهم وتقديرهم عند نهاية الخدمة، عدم إعطائه الإحساس بالأمان وحمايته من الاعتداء والإهانة من أولياء الأمور والطلاب، التعامل معه بالإدارة التسلطية، تكليفه بأمور إدارية تعوق أداء دوره التربوي والتعليمي وعدم تدريبهم على ثقافة المجتمع وتكيفه بها.
8 ـ ضعف عملية التقييم: يتم التقييم مرة بالسنة عند زيارة الموجه وعلى أمور شكلية لا تمت إلى جودة التعليم بصلة. لا توجد مقاييس محددة لقياس الأداء وأهمها معدلات النجاح والرسوب، عدم تمييز وتقييم الإبداع والتميز وأهمية وجود نظام للوصف الوظيفي وارتباط الأجر به.
9 ـ ضعف الأجور: راتب المعلم والمعلمة غير متميز عن العاملين الآخرين بالدولة بالرغم من أهمية عطائهم، أهمية ربط الأجور والترقيات بالأداء السنوي للمعلم، يجب مقارنة أجورهم بأجور الدول المتقدمة ووضع مكافآت سنوية للتميز.
الحلول المقترحة لتفعيل دور المعلم بالكويت:
وجود إستراتيجية واضحة وفلسفة جديدة للتربية في الكويت، إعادة تعريف دور المعلم، بحيث يكون دوره التربوي هو الأساس، إبعاد المعلم عن الأمور الإدارية والأمنية وغيرها وتفرغه للعمل التربوي، زيادة الأجور وربطها بالأداء من خلال نظام للتوظيف والتقييم الوظيفي، وجود عملية تقييم وقواعد قياس واضحة للأداء، إعادة تعديل وضع المعلم الوافد، تعزيز الإمكانيات المادية التي تساعد المعلم على أداء دوره التربوي المطلوب، الاحترام والتقدير للمعلم على مستوى التربية والمجتمع ككل، الإعداد التدريبي والمهني، وزيادة حجم ميزانية التدريب بحيث لا تقل عن 10 مليون سنويا وفرض ساعات محددة لكل معلم يجب انجازها من التدريب، وضع ميثاق المعلم وإصداره بقانون، وضع ترخيص مزاولة المهنة مثل: أن تكون السيرة الذاتية خالية من العقوبات الجنائية، التقدير في التخرج لا يقل عن جيد، صلاحية الرخصة خمس سنوات وتجدد بعد ذلك، إعادة الترخيص بعد ثبات أنشطة النمو المهني المختلفة وعدد نقاط النمو المهني 100 نقطة (التخصص ـ الأنشطة ـ التدريب ـ العلاقات.....).
[email protected]