نكمل في هذه الحلقة موضوع الحلول المطروحة لتعزيز دور العمالة الوطنية في اقتصادنا المحلي، وهذه وإن كانت الحلقة الأخيرة فإن هناك حلولا عديدة تتسع لعدة مقالات قادمة، ولكن أحببنا أن نقتصر على هذه الحلول:
1 ـ إصلاح قوانين الخدمة المدنية
فالقانون الحالي يرجع إلى عام 1979، أي منذ 31 عاما، ووضع في ظل مفهوم الدولة الريعية، ووظيفته أداء دور اجتماعي، وتوزيع الثروة، وتغيب مفاهيم الإدارة الحديثة عن هذا القانون، ولقد آن الأوان مع اتجاهنا للاقتصاد الإنتاجي، ونحو الريادة الإدارية والاقتصادية، أن نضع قانونا للخدمة المدنية يوازي هذه التطلعات الجديدة للدولة، ومن أهمها:
ـ إعادة تشكيل مجلس الخدمة المدنية بحيث يكون مكونا من المهنيين، ويستقل في قراراته، وإبعاد شبح السياسة عنه قدر الإمكان.
ـ وضع شروط جديدة للوظائف القيادية والإشرافية، بحيث نضمن أن القائد إذا تسلم مهمته يكون كفؤا لهذا المنصب وتكون لديه المهارات الإدارية اللازمة للقيادة، مثل وضع الاستراتيجيات، وتنفيذ الخطط والأهداف المرسومة، الإدارة المهنية للقوى البشرية، إدارة الأزمات، القدرة على الاتصال الفعال، الإبداع والتميز...الخ.
ـ إدخال مفاهيم جديدة للتفويضات، والتمكين الإداري ولا مركزية الأداء.
ـ تقييم الأداء من خلال الإدارة بالأهداف.
ـ بناء أنظمة حوافز مادية ومعنوية تكون لها القدرة على جذب الكفاءات الإدارية، وعلى زيادة الإنتاجية، وعلى الإبداع والتميز.
ـ إعادة هيكلة الرواتب، بحيث تكون الرواتب مقابل العمل وأداء الواجبات والمسؤوليات الوظيفية وتطبيق نظام توصيف وتقييم الوظائف.
ـ إدخال مفاهيم الاهتمام بالتخطيط الاستراتيجي والاهتمام بتنفيذ استراتيجيات الدولة.
ـ بناء مفاهيم إعادة الهيكلة، وكيفية تقييم الفاعلية التنظيمية، من أجل ملاحقة التنظيمات الإدارية للتطورات الإدارية والتكنولوجية الحديثة والسريعة جدا.
ـ إلغاء حقوق الترقيات بالأقدمية، وبناء الترقيات على الأداء وتحقيق الأهداف، وضمان العدالة والمساواة بين العاملين.
ـ وضع أنظمة للتظلم الوظيفي بالتعاون مع القضاء تتيح للعاملين في الحكومة التظلم من دون تعقيدات قانونية او تأخير، وتحقق العدالة والمساواة.
ـ إدخال مفاهيم معدلات الأداء وقياسه بالطرق الحديثة وتطبيقه على مؤسسات الدولة، كما في جميع الدول المتقدمة، وهذا النظام من شأنه أن يحقق إنجاز الاستراتيجيات والأهداف ويسهل من عملية الرقابة الإدارية على مؤسسات الدولة، ويحول الرقابة أيضا إلى مستوى المواطنين متى ما أعلنت هذه المعدلات للقياس.
ـ إدخال مفاهيم المراجعات الدورية لجودة الخدمات العامة، وتطويرها والاهتمام بوضع أنظمة الجودة ومعدلاتها على الأداء.
ـ الأخذ بالمفهوم الشامل لقوانين الخدمة المدنية بحيث تشمل العاملين، والأداء، والأنظمة الإدارية.
وهذه طبعا ليست جميع ما يشمله القانون الجديد من تطوير لأنظمة الخدمة المدنية، ولكنها مقترحات رئيسية من شأنها إذا تم الأخذ بها أن تطور العمل والأداء الحكومي.
2 ـ إعادة هيكلة الدولة
معظم قوانين إنشاء وزارات الدولة قديمة أيضا كشأن قانون الخدمة المدنية السالف ذكره، ولذا المطلوب إعادة هيكلة قوانين وقرارات إنشاء الوزارات وإدخال مفاهيم إدارية جديدة كالتالي:
ـ دراسة القوانين الحالية والمنظمة لعمل الوزارات ومعرفة التطورات ومعالجتها.
ـ توجيه فلسفة الخدمات العامة لخدمة المواطنين والعملاء، وجعلهم القاعدة الأساسية التي تنطلق منها جودة الخدمة.
ـ الاتجاه إلى لا مركزية تقديم الخدمات.
ـ إعطاء الجهات الحكومية استقلالية في اتخاذ القرارات، واعتماد مبدأ المحاسبة على تحقيق الاستراتيجيات، والخطط والأهداف.
ـ التفاعل مع القوانين الجديدة للدولة مثل، الخصخصة، والـ b.o.t.
ـ توجه جهات الدولة في أدائها للعمل وتقديم الخدمات نحو الرقابة والتوجيه أكثر من التنفيذ، حسب التوجهات الإدارية الحديثة في الإدارة العامة.
ـ محاربة تضخم الجهاز الإداري للدولة من خلال الخصخصة، ومن خلال خفض حجم العمالة البشرية والاعتماد بصورة أكبر على التكنولوجيا في تقديم الخدمات والميكنة.
ـ الاتجاه نحو رعاية الإبداع والتميز، وإنشاء مركز حكومي خاص للعاملين يهتم بالمبدعين والمتميزين ويرعاهم.
ـ الاتجاه لجودة الخدمات ومقابلتها لاحتياجات الاقتصاد والمجتمع بدلا من الكم، مثل الخدمات الصحية، والخدمات التعليمية، والأمنية.
ـ الاتجاه نحو العمل المؤسسي أكثر من الوزاري، لأن المؤسسات تأخذ استقلالية أكبر، ومرونة وقدرة على توظيف التطورات الإدارية الحديثة، مثل مؤسسة التأمينات، وغيرها من المؤسسات الناجحة.
ـ توجيه وزارات الدولة نحو تطبيق الرؤية الجديدة لصاحب السمو الأمير، بجعل الكويت مركزا ماليا وإداراي، من خلال زيادة الإنتاجية وإيجاد مصادر بديلة للدخل النفطي.
ـ إعادة هيكلة الأمور المالية للدولة، من خلال فرض الرسوم على الخدمات من أجل ترشيد الاستخدام، وزيادة جودة الخدمة، ومن أجل تغطية تكاليف هذه الخدمات.
3 ـ إصلاح القطاع الخاص
ـ وضع رؤية لإدخال العمالة الوطنية في مؤسسات العمل الخاص، واعتمادها لأن تنمية وتطور اقتصادنا ترعاه الدولة.
ـ ربط الإنفاق الحكومي بالاقتصاد بسياسات توظيف العمالة الوطنية.
ـ تطبيق نسب العمالة الوطنية بالقطاع الخاص والمعتمدة من مجلس الوزراء.
ـ رفض إدراج الشركات بالبورصة إذا لم تحقق هذه النسب، وفرض ضرائب عليها.
ـ إنشاء حاضنات الأعمال برعاية غرفة التجارة، وتقديم دعم حكومي لها.
4 ـ ثقافة اجتماعية جديدة
نحن بحاجة إلى ثقافة اجتماعية جديدة، تبعد عنا شبح ثقافة البترول القائمة على الاستهلاك والدولة الريعية، وبناء ثقافة قائمة على الإنتاج والاهتمام بالعمل وجودته، والتميز والإبداع، وذلك من خلال:
ـ اهتمام التعليم بالتركيز على قيم العمل وأهميته، والتركيز على الإنتاج والتميز والإبداع.
ـ تحقيق العدالة والمساواة في الوظائف الحكومية بشكل أخص القائم منها على الإنتاجية وتحقيق الواجبات والمسؤوليات المناطة بالوظيفة.
ـ قيام مؤسسات المجتمع المدني بدورها من خلال:
ـ تعزيز قيم العمل والإنتاج.
ـ مراقبة الأداء المهني، ووضع تراخيص لمزاولة المهنة قائمة على المعرفة والجدارة والتميز.
ـ إقامة المؤتمرات والندوات الدورية لتعزيز ثقافة عمل جديدة.
ـ الاهتمام بمحاربة الفساد وتعزيز قيم الشفافية.
ـ دور وزارة الأوقاف: تعزيز قيم العمل والإنتاج من خلال إبراز اهتمام ديننا الإسلامي الحنيف بهذه القيم والاهتمام بالجوانب الإدارية بالإسلام التي تعزز الإخلاص، والجودة، والتميز في أداء العمل.
[email protected]