بداية نهنئ الكويت وأميرها وأهلها بمرور خمسين عاما على الاستقلال، وإن شاء الله لمزيد من التقدم والازدهار والتطور، لعل من المناسب هنا أن نطيل التفكير فيما لنا وما علينا بعد الخمسين عاما، وما هي رؤيتنا للمستقبل للخمسين عاما المقبلة، لقد حققت الكويت عدة أهداف بعد اكتشاف الثروة النفطية، أهمها:
ـ المحافظة على استقلال الكويت ودعم وجودها على المستوى الإقليمي والعربي والدولي.
ـ بناء دولة الرفاهية من خلال:
توزيع الثروة من خلال عدة قنوات:
ـ التثمين الذي بلغ ما يعادل 5000 مليار دينار منذ بداية استخدامه لإزالة البيوت القديمة وإحلال المدن الحضارية والحديثة مكانها.
ـ توفير الوظائف العامة للمواطنين الكويتيين.
ـ رفع مستوى الدخل ليصل إلى أعلى دخل في العالم.
ـ الحرية الاقتصادية وحرية التجارة.
بناء الدولة الحضارية وتنمية الإنسان من خلال التالي:
ـ التنمية البشرية ووصول الكويت إلى أعلى درجة في التنمية البشرية على مستوى العالم العربي.
ـ الخدمات الصحية المجانية ووصول معدل أعمار الكويتيين منذ الولادة إلى 77 عاما، وتوفير عدة مستشفيات، بالإضافة إلى العلاج في الخارج.
ـ التعليم المجاني وتوفير 770 مدرسة والقضاء على الأمية، بينما في العالم العربي أكثر من 100 مليون أمي.
ـ بناء المدن الحديثة، والخدمات الحضرية المتطورة من طرق، ونقل، ومواصلات، وخدمات بريدية.
ـ توفير الخدمات السكانية، وإعطاء قروض حسنة 70 ألف دينار، بالإضافة إلى البيوت أو القسائم الحكومية المدعومة.
ـ توفير الدعم على أعلى المستويات ليصل في ميزانية 2010 إلى 4 مليارات دينار.
ـ توفير الخدمات الأمنية على أعلى مستوى.
ـ بناء مؤسسات حكومية متميزة مثل: مؤسسة التأمينات الاجتماعية، هيئة شؤون القصر، الصندوق الكويتي للمساعدات الخارجية، الهيئة العامة للاستثمار، الأمانة العامة للأوقاف.
ـ تعزيز الديموقراطية وجو الحريات والإعلام المتميز.
والقصد هنا أننا استطعنا أن نبني دولة الرفاهية، ولكن مع المرحلة القادمة نحن بحاجة إلى رؤية جديدة، وفلسفة جديدة تواكب المستجدات الحضارية المعاصرة، وأن نقوم ببناء جديد للدولة قائم على التالي:
ـ بناء دولة إنتاجية، وإيجاد مصادر بديلة للدخل النفطي.
ـ بناء الإنسان الكويتي المنتج والمبدع ولديه روح التحدي والقدرة على مواجهة الأزمات، وذلك من خلال إعادة هيكلة نظام التعليم لدينا وبناء أهداف جديدة له تتجاوز قضية محو الأمية نحو الجودة في التعليم ومقابلة احتياجات الاقتصاد.
ـ إعادة سياسة الهجرة لدينا ووقف استيراد العمالة الهامشية والتركيز على العمالة المعرفية الذكية المنتجة والاعتماد على التكنولوجيا بدلا من القوى البشرية، وبناء مؤسسات مستقلة لديها القدرة على إدارة سياسة الهجرة والعمالة.
ـ بناء قاعدة اقتصادية إنتاجية من خلال تنمية القطاع الصناعي، والقطاع العقاري، وقطاع الترفيه والسياحة، وقطاع الاستثمار والبنوك وكسر الاحتكار وإتاحة الفرص للمنافسة وربط الاقتصاد بالأهداف القومية للدولة وأهمها استيعاب العمالة الكويتية في القطاع الخاص، ومساهمة القطاع الخاص في تنمية إيرادات الدولة، وأن تقوم علاقة القطاع الخاص مع المجتمع على تبادل المصالح وما يسمى value added relation.
ـ الاستمرار في الرعاية الاجتماعية المتميزة والسكانية وإيجاد وسائل جديدة لتوفير الرعاية السكنية للمواطنين.
ـ إعادة بناء المؤسسات العامة وهيكلتها بناء على إستراتيجية الدولة، والإنتاجية، والعدالة الوظيفية.
ـ إعادة بناء قوانين الخدمة المدنية بناء على الفلسفة الجديدة للدولة في الخدمات العامة، وإلغاء مفهوم الوظيفة المضمونة والترقيات الحتمية، وبناء الوظائف على الوصف الوظيفي، والتخطيط الاستراتيجي، ووضع أنظمة لتعيين وتدريب وتقييم القياديين قائمة على القدرة على تحقيق الأهداف والنتائج والقدرة على الإدارة، ووضع أنظمة الحوافز التي تحقق الإنتاجية والإبداع، ورعاية الإبداع والتميز... وغيرها من الأنظمة الإدارية الحديثة في هذه الجوانب.
والمقصود أننا بحاجة إلى فلسفة جديدة في إدارة بلدنا تضمن لنا الاستمرار في دولة الرفاهية وتجنبها الأزمات النفطية والسياسية والاقتصادية، وتضمن لنا استمرار أبنائنا في التمتع بالرفاهية التي طالتنا.
شكراً وزير البلدية
لقد كتبت سلسلة مقالات حول إعادة اختراع البلدية، والتي توظف الأنظمة الحديثة في إدارة البلدية وتعيد هيكلتها وفق آخر التطبيقات الإدارية، ولقد لاقت هذه المقالات ولله الحمد إقبالا كبيرا وردود فعل طيبة، وكنت في زيارة لوزير البلدية، فطلب مني مشكورا عمل عرض تقديمي لإعادة اختراع البلدية لقياديي البلدية والمدير العام والعاملين في قطاع التطوير الإداري، وقمت فعلا بعمل العرض التقديمي بحضور الوزير ورعايته وبحضور قياديي البلدية والصحافة المحلية والتلفزيون اللذين نشكرهما على التغطية، كما أشكر السيد أحمد المنفوحي ـ الوكيل المساعد للتطوير الإداري ـ على حسن استجابته لكل ما يطرح في تطوير البلدية ودعمه، ولا أنسى م.عبدالكريم الزيد على دعمه لإنجاح محاضرة إعادة الاختراع، ونتمنى أن تقوم البلدية باستيعاب مفاهيم إعادة الاختراع الإدارية الحديثة برعاية د.فاضل صفر، كما نتمنى أن يحذو بقية الوزراء حذو وزير البلدية في تبني كل ما هو جـــديد في الإدارة.
الثورة العربية ثورة اقتصادية بالدرجة الأولى
يعيش العالم العربي أياما تاريخية غير مسبوقة في التغيير بقيادة شباب العالم العربي، وتغيير الأنظمة الدكتاتورية والمستبدة والظالمة، وجدير بالذكر أن العالم العربي يزخر بالثروات التي لا حدود لها، فهو مخزن تاريخي للحضارات القديمة وقبلة العالم كله، ويملك العالم العربي ثروات نفطية وغازا طبيعيا، وثروات مائية غير مسبوقة، ومع ذلك يعاني العالم العربي من الجهل والتخلف والفقر والحاجة ويعتمد على المساعدات الأجنبية، فهناك 100 مليون أمي، و100 مليون أخرى لا يجدون وظائف، أما الخدمات الصحية والسكانية والخدمات العامة الأخرى فحدث ولا حرج، فالكوارث الطبيعية مثل الأمطار الغزيرة والفيضانات تعتبر وبالا على المواطن العربي بسبب غياب الخدمات الحضرية، كما يحتل العالم العربي في أغلب دوله على مؤشرات الفساد العالمية الدرجات الدنيا، ويكفي أن نعرف أن الصومال هي الدولة الأخيرة في العالم في الشفافية وفي انتشار الفساد وهذه الإدارة السيئة للثروات جعلت الشباب والشعوب العربية تفتح صدورها من أجل الموت وأمام الدبابات والرصاص لتغيير هذه الأنظمة الفاسدة، ولايزال منظر فتح خزنات الرئيس التونسي المخلوع ماثلة أمام عيني، فبينما يحرق أبوعزيزي نفسه ـ ملهم الثورة العربية ـ بسبب قطع رزقه من أزلام النظام تمتلئ خزنة بن علي بمئات الملايين من العملات الأوروبية والأميركية والذهب، فلا حول ولا قوة إلا بالله.. فلنا أن نتصور هل ستثور الشعوب العربية لو كان هناك حسن إدارة، ووظائف متوافرة، وتعليم، ورعاية صحية، ومدن حضارية، ورعاية سكنية؟! بالطبع لا، فالاقتصاد هنا هو المحك فالقدرة على إدارته تعني دولة الرفاهية والرضا الشعبي الأبدي.