أزمة الرواتب والأجور في الكويت ليست وليدة المرحلة الحالية بل هي منذ اقرار قانون الخدمة المدنية عام 1979، فقد نص قانون الخدمة المدنية في المادة 5 بند 3 على «أن يضع مجلس الخدمة المدنية اقتراح السياسات العامة للمرتبات والأجور بما يكفل التنسيق بين الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأسمالها» ونصت المادة (9) على: «يستهدف نظام الخدمة المدنية ترتيب الوظائف في الجهات الخاضعة لهذا القانون على أساس واجباتها ومسؤولياتها وذلك بتصنيفها في مجموعات وتقييمها وفقا للقواعد والأحكام والشروط والإجراءات والمواعيد التي يحددها مجلس الخدمة المدنية».
ومنذ 33 عاما لم يضع مجلس الخدمة المدنية او الحكومة سياسة عامة للرواتب والأجور تضمن العدالة والمساواة بين العاملين وتضمن الانتاجية والفعالية في أداء العمل في الحكومة، وايضا، والمهم لم يقم بواجبه في توصيف وتقييم الوظائف مما جعل باب الرواتب والأجور أكبر مشكلة ومعضلة تواجهها الكويت حاليا وتهدد ميزانية الدولة وأصبحت منذ ذلك الوقت ككرة الثلج التي تتدحرج وتكبر ولا نستطيع إيقافها ومن مظاهر المشكلة ازدياد حجم الاضرابات والعصيان المدني بل وصلت في إضرابات الجمارك الى وقف تصدير النفط والافتخار بذلك كل هذا لا يهم المهم لديه زيادة الرواتب وهكذا في الخطوط الكويتية إيقاف الرحلات وفي القانونيين وغيرهم كثير، بالإضافة الى ان هذا الموضوع أصبح مادة غنية للتكسب السياسي من اعضاء النقابات وأعضاء مجلس الأمة، ومن مظاهر المشكلة ما جاء في تقرير اللجنة الاستشارية الاقتصادية العليا «ان الوضع الاقتصادي خطير ويتجه لمزيد من الانحدار وان مزيدا من التأخير في تداركه سيؤدي الى صعوبة أكبر وتكلفة أكثر تدفع من رصيد الوطن وأبنائه»، وجاء ايضا في تقريرها ان من أسباب ضعف الحكومة: تواضع أداء القيادات ـ لوائح وقوانين معقدة ـ بيئة فساد ويضع التقرير هذه الإحصائيات المهمة وهي: نحن بحاجة الى 20 ألف وظيفة لعام 2012 ـ 2013، ـ التركيب العمري للسكان نحو 54% من جملة السكان تحت 19 عاما ـ يقدر ان يصل إجمالي قوة العمل الكويتية عام 2030 الى 1.077 مليون عامل ـ 842 ألف عامل سيكونون في الحكومة والقطاع النفطي ـ العجز الاكتواري للتأمينات عام 2011 يصل الى 2414.6 مليون دينار.
ـ في ظل معدل الصرف الحالي نحن بحاجة الى بيع النفط عام 2030 في حالة ظل المورد الرئيسي للطاقة بـ 213 دولارا للبرميل الواحد.
بالطبع هذه الإحصائيات تدل على أننا أمام معضلة كبيرة بحاجة الى حكمة وإدارة فاعلة لوضع الحلول لها وأرجو ألا يفهم من كلامي انني ضد الزيادات فأنا أتمنى ان يصل راتب كل كويتي الى خمسة آلاف دينار، ولكن مقابل عمل وتحقيق أهداف وزارته ومؤسسته وإنتاجية عالية وتطور، فعلى سبيل المثال نربط زيادة العاملين في الخطوط الكويتية بتطور المؤسسة وتقديمها خدمة أفضل وعودتها الى سيادة الأجواء الخليجية مرة أخرى بل سيادة الأجواء العالمية مثل السنغافورية والتايلندية وحينها يستاهلون الزيادة دبل الراتب وهكذا في الجمارك وغيرها من مؤسسات الدولة وعموما نقترح الحلول الآتية: ـ وضع سياسة عامة للأجور وفق القواعد التالية (تحقيق العدالة، وتحقيق المساواة في الأجور، وربط الإنتاجية بالأجر، وتحقيق الأهداف والاستراتيجيات، وجذب الكفاءات والموهوبين، ضبط التكاليف، تحقيق الرضا الوظيفي، ربط الأجور بمعدلات التضخم، خفض دوران العمالة) ـ تطبيق وصف وتقييم الوظائف ووضع الأجور وفق نظام النقاط وإصداره بقانون.
جدير بالذكر ان الأمم المتحدة لديها توصيف وتقييم عالمي دولي تطبقه دول العالم وتتفق عليه يمكننا الاستعانة به حتى تتطابق وظائفنا مع المسميات العالمية ـ البدء بتطبيق اللامركزية في تطبيق أنظمة الأجور. ـ ربط التعويضات والمميزات الوظيفية بقدرة العاملين على التطور المهني والإداري والفني. .. والله الموفق،،
www.waleedalhaddad.com - @drwalhaddad