لقد قرأت لكوتر أستاذ التغيير في هارفارد حول قواعد التغيير الناجح فذكر أن من أهم قواعد التغيير الفعال هو الشعور بأهمية وضرورة التغيير، فمن دون شعور المجتمع بحاجتنا إلى التغيير أو الحكومة فان طريق التغيير سيتعثر بالتأكيد، في ثمانينيات القرن الماضي هبطت أسعار النفط إلى أسعار متدنية بحدود 7 دولارات للبرميل فشعرت حينها حكومة الشيخ سعد، رحمه الله، بان «الحديدة حامية» ولابد من التغيير وان سياستنا السابقة في الاعتماد على مورد واحد ومؤسسات حكومية مهترئة لم تعد تنفع، فأنشأ لجان التطوير الإداري برئاسته ولكن كما يقول المثل «يا فرحة ما تمت» رجعت أسعار النفط إلى الارتفاع مرة أخرى فتم الاستغناء عن توصيات لجان التطوير الإداري بعد أن قطعت شوطا لا باس به، الفرصة الأخرى التي كانت سانحة للتغيير والإصلاح الإداري والاقتصادي كانت بعد تحرير الكويت مباشرة وفعلا شاركت المعارضة في حكومة الشيخ سعد، رحمه الله، في 6 مقاعد في أفراد لهم رؤية إصلاحية مثل احمد الربعي، رحمه الله، ومشاري العنجري وجاسم العون ولكن للأسف هذه التجربة لم يحالفها النجاح بسبب عدم وجود خطة اصلاحية للمعارضة آنذاك والخلاف الشديد بينهم، كما أن الحكومة استطاعت إقناع المجلس بلجان تحقيق بأن غزو الكويت كان أمرا قاهرا فوق طاقة الكويت وليس عبارة عن فشل في الإدارة السياسية والأمنية للحكومة وانه ليس بالإمكان أحسن مما كان، وان استمرار الأوضاع السابقة قبل الغزو أفضل طريقة لإدارة البلد وهذا الأمر ما زلنا نعاني منه إلى يومنا هذا فالعالم حولنا يتغير بسرعة شديدة ونحن مكانك قف ساكنين على أوضاعنا منذ عهد الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، ولم ندخل مرحلة جديدة من الادارة والتطور الاقتصادي والتنموي ان تطور الإعلام والتكنولوجيا جعلت الشعوب في وعي تام ولذلك لم يعد مقبولا أن نخفي أخطائنا ولم يعد مقبولا ان نرى الدول حولنا تتطور ونحن ساكنون وأيضا لم يعد مقبولا أن نكون الدولة الستين في العالم الأكثر فسادا في العالم، كل هذا أدى إلى حراك شعبي وشبابي ضد الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الست الماضية وأدى إلى تغييرها بسبب عدم وجود رؤية اصلاحية بالإضافة إلى غياب رؤية اقتصادية بالرغم من وجود خطة التنمية الأضخم في تاريخ الكويت إلا أن من بنى الخطة وهندسها واخذ موافقة البرلمان عليها تعرض للاستجواب والهجوم حتى من الحكومة التي ينتمي إليها وأدت إلى استقالته، ووقوف التنمية إشارة إلى عدم رغبة متخذي القرار في التغيير والتنمية في البلد خوفا على نفوذهم السياسي ومراكز القوة لديهم في وهم ليس بصحيح، وعموما فإن تحقيق النتائج والانجازات في مجال التنمية والإصلاح الإداري والاقتصادي هو الفيصل ولعل من أهم ملفات الإصلاح أمام الحكومة هو:
1- بناء استراتيجية والسير على هذا الأساس فمن دون الخطط والاستراتيجيات لا نستطيع النجاح مثل سنغافورة وماليزيا واستراليا ونيوزيلندا والتي صارت على هذا المنوال ونجحت، وثبت في الوقت المعاصر أن من لا يملك رؤية وخطة واضحة لا يستطيع النجاح في وقتنا المعاصر حتى ولو حقق نجاحات مؤقتة، ففي دراسة لجامعة هارفارد على 100 طالب لمدة عشر سنوات ثبت أن 10 طلاب فقط حققوا نجاحات وثروتهم تعادل الـ 100 طالب وسبب نجاحهم هو ان لديهم خطط وأهدافا يقومون على تنفيذها، فالقيادة من دون خطط وأهداف مصيرها الفشل حتما.
2- ان سياسة اختيار الوزراء القائمة عليها حكومتنا لا تؤدي إلى النجاح وهذا ثبت فشله في الحكومات السابقة وأي وزير لا يملك رؤية ومهنية واحترافا في مجال عمله فهذا يؤدي إلى عدم قدرته على المواجهة مع البرلمان ويؤدي إلى سقوطه مع أي مواجهة برلمانية.. سألت إحدى الأخوات الفاضلات التي عرض عليها الوزارة لمَ لمْ تقبل؟ فقالت ان أسلوب العرض كان هل تقبلين المشاركة في الوزارة من دون تحديد أي وزارة ولاحقا سنحدد الوزارة؟ في ظل عصر البناء القيادي وتطور القيادة وأهمية المهنية والاحتراف تشكل وزارة بهذه الطريقة، هذا بالطبع يجعل الوزراء عبارة عن موظفين كبار وليسوا قياديين لديهم القدرة على تنفيذ الخطط والاستراتيجيات.
3- هناك ملفات الفساد ونزاهة الانتخابات، وتغيير القوانين الإدارية القديمة منذ القرن السابق بالإضافة إلى تطبيق القوانين الاقتصادية التي اقرها المجلس وتحديد أنظمة موضوعية لاحتيار القيادات في وزارات ومؤسسات الدولة وتطبيق خطة التنمية وإصلاح وتطوير القطاع النفطي، وتعديل قطاع العمالة وملفات الإسكان والصحة والتعليم جميعها ملفات خانقة بحاجة إلى قرارات حاسمة وتعديل هيكلي للتغيير أو ما يسمى بإعادة اختراع الحكومة، وبهذه المناسبة أنا على استعداد لإلقاء محاضرة على حكومتنا عن مفهوم إعادة الاختراع وكيفية تطبيقه وما هي أدواته لعل وعسى أن يكون خارطة طريق لتطوير الأداء الحكومي، وختاما، حتى لا نطيل عليكم، مبارك عليكم الشهر وكل عام وأنتم بخير.
www.waleedalhaddad.com
drwalhaddad@